عنوان الفتوى : ما هي السَّبْعُ المثانِي؟
ما هي السَّبْعُ المثانِي؟
يقول الله تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ المَثَانِي والقُرْآنَ العَظِيمَ) (سورة الحجر: 87) اختَلف العلماء في المراد بالسبع المثاني، فقيل هي: الفاتحة، وهو أصح الآراء، لورود الحديث بذلك، فقد روى البخاري عن أبي سعيد الخدري قال: مرَّ بي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأنا أُصَلِّي، فدعاني فلم آتِهِ حتى صَلَّيْتُ، ثم أتيته فقال: “ما منعك أن تأتِيَنِي”؟ فقلت: كنت أصلي، فقال: ألم يقل الله: (يا أيُّها الذينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للهِ وللرَّسُولِ إذا دَعاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (سورة الأنفال : 24) ألا أعلِّمك سورة في القرآن قبل أن أَخرُج من المسجد؟ فذهب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليخرج ذَكَّرْتُه فقال: “الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتِيتُه”. وجاء في البخاري أيضًا عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال: “أمُّ القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم” وأم القرآن هي الفاتحة كما جاء في الحديث” الحمد لله أمُّ القرآن وأمُّ الكتاب والسبع المثانِي” رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهذا نص يُغني عن الأقوال الأخرى في المراد بالسبع المثاني، ومن هذه الأقوال أنها السورة السبعة الطول أي الطويلة: وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والأنفال مع التوبة لعدم وجود التسمية بينهما، وهذا هو رأى ابن عباس كما رواه النسائي عن سعيد بن جبير عنه ، وقيل: المراد بالسبع المثاني أقسام القرآن من الأمر والنهي والتبشير والإنذار وضرب الأمثال وتعديد النعم وأنباء القرون، وهناك أقوال أخرى لا تَستند إلى نص، فالصحيح هو الأول.
ووصْف الفاتحة بأنها المثاني لأنها تُثَنَّى وتُكَرَّر في ركعات الصلاة، والقرآن كذلك يُوصف بالمثاني كما قال سبحانه: (اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الذينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلَى ذِكْرِ اللهِ) (الزمر : 22) لأنها تُثَنَّي وتَتَكَّرر على مر الزمان، كذلك تَتَثَنَّى فوائدها وتَتَضاعَفُ، على ما يُفيدُه قول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ” ولا تَنْقَضِي عجائبه” رواه الترمذي ، وهي أيضًا مأخوذة من الثناء والمدح والشرف، لأن القرآن مجلبة لذلك كله، في نظْمه وهدايته وقراءته وتعلُّمه ونشره وتعليمه والتخلق بأخلاقه وتطبيق أحكامه، والقرآن كذلك مثاني لما يلاحظ فيه من الثنائية، بمعنى الاقتران، أي اقتران آية الرحمة بآية العذاب، والوعد بالوعيد والجنة بالنار، والهدى بالضلال، وهكذا.