عنوان الفتوى : المقتول ظلما شهيد وتكفر عنه ذنوبه بالقتل
منذ ما يقارب عشرة أيام قتلت إحدى الفتيات قنصا في الرأس، وكنت أحسبها في مقام أختي، وأشهد لها بالخلق والطيبة، ومن حينها وأنا أشعر بحزن شديد على رحيلها، لا يوازيه إلا القلق الشديد على حالها في القبر، فهي للأسف الشديد لم تكن تتحجب أو تصلي، فهل تعتبر شهيدة؟ وإذا كانت غير شهيدة، فهل من أدعية أدعو لها بها لتنجيها عذاب القبر ويفسح الله لها في قبرها ويجعله روضة من رياض الجنة ويسكنها الجنة بإذنه ورحمته عز وجل؟ وهل يجوز لي الدعاء بأن أراها في المنام بالصورة التي يرضاها الله ورسوله، لأخبرها عن حزني على رحيلها، ولأطمئن على حالها في القبر لأريح قلبي وصدري اللذين ضاقا حزنا وهما؟ كما أن تخيل أهلها لجثتها وهي تتعفن يعذبهم جدا، فهل يجوز أن أدعو ويدعو أهلها الله أن لا تتحلل جثتها، أو تتوقف عن التحلل لعل ذلك يريحهم ولو نفسيا؟ وإذا زرتها في القبر وأخبرتها عن حزني على رحيلها، فهل ستسمعني وتحس بي؟ وهل ترد إليها روحها؟ وهل يجوز أن أدعو بدعاء أمنا أم سلمة عن المصيبة كلما تذكرت رحيلها وأحسست بالألم والحزن.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن لم يكن محافظا على صلاته فمات قبل التوبة من ذنبه، فهو لا شك على خطر عظيم، بل قد قال بعض أهل العلم بكفره، والجهمور على أنه مؤمن عاص، وراجع الفتوى رقم: 23310.
وبالجملة: فعسى الله عزّ وجل أن يكفر عن هذه المسكينة ذنبها كونها قتلت ظلما، فهو سبحانه الغفور الرحيم، فقد قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: المقتول ظلما تكفر عنه ذنوبه بالقتل، كما ورد في الخبر الذي صححه ابن حبان وغيره: إن السيف محاء للخطايا ـ وعن ابن مسعود قال: إذا جاء القتل محا كل شيء ـ رواه الطبراني، وله عن الحسن بن علي نحوه، وللبزار عن عائشة مرفوعا: لا يمر القتل بذنب إلا محاه. اهـ.
أما عن الحكم بالشهادة: فالوارد أن المقتول من المسلمين ظلما شهيد، قال أبو عمر بن عبد البر في شرحه، لقول عمر بن الخطاب: اللهم إني أسألك شهادة في سبيلك، ووفاة ببلد رسولك ـ وهذا الحديث يدل على أن المقتول ظلما شهيد في غزاة، أو في غير غزاة، في بلاد الحرب وغيرها.
أما الأدعية التي تدعو لها بها: فراجع في الدعاء للميت الفتوى رقم: 165589، وما أحيل عليه فيها.
أما أن تدعو برؤيتها في المنام أو تدعو لها أن لا تتعفن جثتها: فالاشتغال بمثل هذا فضول لا منفعة فيه، فينبغي الإعراض عنه، وبدل ذلك ينبغي الاشتغال بما هو نافع لها من دعاء وصدقة، وراجع الفتوى رقم: 33774.
وأما عن إحساسها بك إذا زرتها ورد الروح إليها: فالميت يعرف من يزوره ويسمع خطابه له، قال ابن القيم في الروح: وقد تواترت الآثار عنهم بأن الميت يعرف زيارة الحي له ويستبشر به. اهـ.
وراجع للمزيد الفتوى رقم: 130913 .
أما عن الدعاء الوارد في حديث أم سلمة: فيشرع أن تدعو به، لأنه عام على كل من أصيب من المسلمين بمصيبة، إذ لفظه: ما من عبد تصيبه مصيبة، فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم أجرني في مصيبتي, واخلفني خيرا منها, إلا آجره الله في مصيبته, وخلف له خيرا منها.
والله أعلم.