عنوان الفتوى : التمائم

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم  التمائم؟

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

التمائم جمْع تَمِيمة، قال الحافظ المُنذري: يُقال إنها خَرَزة كانوا يُعلِّقونها، يَرَوْن أنها تَدفع عنهم الآفاتِ. واعتقاد هذا الرأي جهْل وضلالة، إذ لا مانِع إلا الله، ولا دافِع غيُره. ذَكَره الخطابي(14) .

 

فالنهْي عنها عند اعتقاد أنها تؤثِّر بنفسها، فذلك شرك، وبدون هذا الاعتقاد جَهالة، جاء في الحديث:(مَن علَّق تَمِيمَة فلا أتَم اللهُ له، ومَن علَّق وَدَعَة فلا أَوْدَعَ اللهُ له”(15) وفي حديث آخر: ” مَن علَّق فقد أَشْرك” (رَوَاه أحمد بِرواة ثقات).

 

وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: ليست التميمة ما يُعلَّق به بعد البَلاء، إنما التميمة ما يُعلَّق به قبل البَلاء(16) .ويؤخذ من كلام المنذري أن التميمة خَرَزة. وفي الحديث ذكر التميمة والوَدَعة، فهل هما شيء واحد؟ وإذا كان ذلك فلماذا التَّكرار، والعطف يَقتضِي المغايرة؟ وقد يُجاب على ذلك بأنَّ الوَدَعة هي الخرزة الصَّدَفيَّة المعروفة التي تَتكوَّن في البحار، والتميمة كل شيء يُعلَّق من أي مادة يكون، كقطعة خشب أو خِرْقة أو غيرهما مما يَعتقد الجهلة منفعته، وتفسير عائشة يدل على أنها كانت للحفْظ من الإصابة ودفْع الشر، وليست للاستشفاء من مرض واقع.

 
ومهما يكن من شيء فإن اعتقاد أن هذه الأشياء تؤثِّر بنفسها دون توقُّف على إرادة الله ـ تعالى ـ يَتنافَى مع الإيمان.

 
ومثل التمائم ما يُعرف بالأحْجِبة، وهي كِتابات تُعلَّق بقصْد دفع الشر أو رفعه، فإن كانت كلمات من القرآن الكريم أو ذكْر الله تعالى، مع اعتقاد أنها لا تؤثر إلا بإرادة الله سبحانه فلا يؤثر ذلك على الإيمان، مع التنبيه على صيانة كلام الله ـ تعالى ـ من كل ما يُخِلُّ بتوقيره، ومع التوصيَة بطلب العلاج عند المختصين.

 
وجاء في زاد المَعاد لابن القيم(17) أن جماعة من السلف أجازوا كتابة شيء من القرآن ثم إذابته بالماء والتداوي به سَقيًا أو غَسلاً، روى ذلك عن مجاهد ومثله عن أبي قلابة، ويُذكَر عن ابن عباس أنه أمَر أن يُكتب لامرأة يَعْسُر عليها وِلادُها أثَرٌ من القرآن ثم يُغسل ويُسقى.

 

وجاء في “الفتاوى الإسلامية” (18): اختلف العلماء في جواز كتابة بعض آيات من القرآن أو أسماء لتكون تمائم، فقالت طائفة بجوازه، ونسَبوا هذا إلى عمرو بن العاص وأبي جعفر الباقر، رواية عن الإمام أحمد، وقالت طائفة بمنْعه لحديث أحمد “من علَّق تميمة …”.

 

وجزم كثير من العلماء بقول الطائفة الأخيرة، لعموم هذا النص، وسدًّا للذَّرِيعة حتى لا يَكبر الصغار وهم يَعتقدون أن التمائم هي التي تَشفِي وتَحفَظ دون إرادة الله. ولا يَحِلُّ لمسلم أن يأخذ أجرًا على كتابة هذه الآيات. وليس هناك حديث يقول “خُذ من القرآن ما شئت لما شئت”، ويُراجَع في ذلك تفسير القرطبي(19).

 

الهوامش
(14) الترغيب والترهيب: ج 4 ص 96.
(15) رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد والحاكم وصحَّحه.
(16) رواه الحاكم وصحَّحه.
(17) ج 4 ص 119.
(18) ج 10 ص 3567
(19) ج 10 ص 318.