عنوان الفتوى : حكم تأجير مكان تخزن فيه كتب الكتب المحرفة

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

لدي منزل مكون من خمسة طوابق ويقع أسفله بدروم (مخزن) ومنذ عامين قمت بتأجيره كمخزن كتب لإحدى الشركات، واكتشفت بعد ذلك أنهم يخزنون به كتب الدين النصرانيي والإنجيل وكتب الكنيسة وغير ذلك...وقد اقترب موعد انتهاء العقد بيني وبين هذه الشركة، فهل علي ذنب مع علمي بهذا النشاط إذا قمت بتجديد التعاقد لفترة أخرى...مع العلم بأنني أتقاضى مبلغاً محترماً من هذا الإيجار

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإجارة البيت ليستخدم في الحرام حرام، كما نص على ذلك أهل العلم، قال ابن قدامة الحنبلي رحمه الله في المغني:
لا يجوز للرجل إجارة داره لمن يتخذها كنيسة أو بيعة أو يتخذها لبيع الخمر أو القمار. انتهى.
وقال صاحب مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى في فقه الحنابلة: ولا تصح إجارة دار لتجعل كنيسة أو بيعة أو صومعة أو بيت نار لتعبُّد المجوس أو لبيع خمر أو قمار لأن ذلك إعانة على المعصية. قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان [المائدة:2] انتهى كلامه رحمه الله.
وقال صاحب كتاب منح الجليل شرح مختصر خليل من فقهاء المالكية: ولا تجوز الإجارة على دخول حائض لمسجد لتكنسه لحرمة دخولها فيه، أو كراء دار أو أرض لتتخذ كنيسة أو بيعة أو بيت نار أو ليباع فيها الخمر، ولاجتماع المفسدين انتهى كلامه.
وبهذا يتضح للأخ السائل أن إجارته بيته لمن يتخذه مخزنا للكتب المحرفة المبدلة التي تتضمن الكفر الصراح من التنقص لله عز وجل، وجعل الولد والصاحبة له، وغير ذلك مما حرفه وبدله أعداء الله من اليهود والنصارى في الكتب المنزلة.. يتضح للأخ السائل أن هذه الإجارة محرمة لأنها إعانة على الإثم والعدوان. والواجب الآن قبل انتهاء العقد أمران:
الأول: التوبة إلى الله عز وجل من إبرام هذا العقد المحرم قبل أن يجيء الموت وحينها لا ينفع الندم، قال الله سبحانه: أفرأيت إن متعناهم سنين*ثم جاءهم ما كانوا يوعدون* ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون
[الشعراء:205-207]
الثاني: إنهاء هذه الإجارة فور العلم بحرمتها ولو قبل حلول الموعد، فإنها إذا بطلت لم تترتب عليها آثارها.
وإذا كان الأمر على ما وصفنا فقد تبين للسائل جلياً أنه لا يجوز له -من باب أولى- ما سماه بتجديد العقد لفترة أخرى، بل ليس هناك عقد صحيح حتى يجدد.
وأما ما أشار إليه السائل من كونه يتقاضى مبلغاً محترماً فإننا نقول له أولاً: لا خير في لذة من بعدها النار، وعليه أن يتذكر قوله صلى الله عليه وسلم: "يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيراً قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا؛ والله يا رب " رواه مسلم
فغمسة واحدة في جهنم تنسي أنعم أهل الأرض كل نعيم كان مر عليه في الدنيا، فكيف بالأعوام والمدد المتطاولة؟ وعلى الإنسان أن يختار لنفسه. ثم على الأخ السائل أن يسأل نفسه ما الذي قدمه للإسلام، ولخدمة دين الله عز وجل وهو يعين المنصرين على دعوة الناس إلى الدين الباطل بل دعوة المسلمين للارتداد عن دينهم والكفر بعد الإسلام، أهكذا تشكر نعمة الله عز وجل؟! نسأل الله عز وجل أن يقينا شر أنفسنا.
والله أعلم.