عنوان الفتوى : داعبها زوجها في رمضان فتركته ليجامعها فيفطر فيأثم ! فهل تفطر بهذه النية ؟
امرأة داعبها زوجها بعد الفجر في رمضان ، وقالت له : اتركني حتى لا أفطر ، وكرر هو ذلك رغم كلامها ، ثم أدارت له ظهرها وتركته ، وقالت في نفسها : خليه يفعل ما يشاء حتى أفطر ، ويأخذ هو الذنب ، ولكنه بعد أن قالت ذلك في نفسها : تركها ولم يفعل شيئا . وهي لما قالت ذلك : لم يكن همها إلا أن يأخذ الذنب فقط ، لا لتفطر ، أو تأكل أو تشرب ؛ وأخاف أن ما قلته يكون سببا في فساد صومي ، إن كنت نويت الإفطار حقا من أجل ذلك ، أو كان كلاما فقط . أرجو الإجابة بالتفصيل في حالة نيتي في الفطر لهذا السبب ، أو إن كان حديث نفس . وأيضا في حالة ما إذا كنت أصاب أحيانا بالوسواس في النية أو صحة الصوم .
الحمد لله
أولا :
من نوى الفطر وهو صائم ، جازماً غير متردد ، بطل صومه على الراجح ، وإن عدل عن نيته
، ولزمه قضاء هذا اليوم .
أما إن تردد في الفطر ، أو علقه على شيء ، كأن وجدت طعاما أو شرابا أفطرت ، ثم لم
يجد ، فصومه صحيح .
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
رجل مسافر وصائم في رمضان ، نوى الفطر ثم لم يجد ما يفطر به ، ثم عدل عن نيته وأكمل
الصوم إلى المغرب فما صحة صومه ؟
فأجاب : " صومه غير صحيح ، ويجب عليه القضاء ؛ لأنه عندما نوى الفطر أفطر ، أما لو
قال : إن وجدت ماءً شربت وإلا فأنا على صومي ، ولم يجد الماء ، فهذا صومه صحيح ؛
لأنه لم يقطع النية ولكنه علّق الفطر على وجود الشيء ، ولم يوجد الشيء فبقي على
نيته الأولى " انتهى من "لقاء الباب المفتوح" (29/20).
والذي يظهر أن الذي حصل منك
هو الثاني : أي أنك قد علقت فطرك ، على استرسال زوجك في هذا الأمر ، وهو لم يفعل ،
ونية الفطر : شيء ، والتعليق على فعل لم يحدث : شيء آخر ، مخالف له في الحكم .
وعلى ذلك : فصومك صحيح ، ولا يلزمك قضاؤه .
وأما لو كنت قد نويت الفطر ، أو غلب على ظنك الآن : أن هذه كانت نيتك : فقد فسد
صومك ، ووجب عليك قضاء ذلك اليوم .
وإن حاك في صدرك شيء من ذلك ، واحتطت لصومك ، فضيت يوما مكانه : فهو حسن إن شاء
الله .
راجعي إجابة السؤال رقم : (95766)
.
لكن إذا كان الوساوس يعاودك
في النية ، أو في صحة العبادة : فلا تعيدي صوم ذلك اليوم ، واحمليه على الصحة ،
وإياك أن تسترسلي وراء الوساوس ، فهذا باب فساد وشر عظيم ، ولا ينتهي إلا بأن يفسد
على العبد عبادته ، ودينه كله .
وقد سبق في الموقع كثير من الأجوبة في التحذير من الاسترسال وراء الوساوس .
ثانيا :
يجوز للرجل حال صيامه : إن كان مالكا لنفسه ، قادرا على منعها من الاسترسال في
الأمر ، وتعدي حد الله بالوقوع في الجماع ، أو إنزال المني ؛ يجوز له أن يباشر
زوجته بضمّ ، أو تقبيل ، ونحو ذلك .
وتنظر إجابة السؤال رقم : (49614)
.
ثالثا :
لا يجوز للمرأة أن تسعى في وقوع زوجها في الفعل المحرم ، أو أن ترضى به ؛ بل الواجب
عليها نهيه عنه ومنعه منه قدر ما تستطيع ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (
مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ
الإِيمَانِ ) . رواه مسلم ( 49 ) .
فتركك الزوج بدون نهيه عما يفعل ليقع في المحرم ، ويأثم ، ويتعرض لعقاب الله في شهر
الرحمة : قصد محرم ، وسعي في وقوع معصية الله ، أو رضا بها ؛ قال الشيخ ابن عثيمين
رحمه الله :
" يجب على من رأى شخصاً يأكل أو يشرب في رمضان وهو يعرف أنه صائم ، يجب عليه أن
يذكره لأنه إذا نسي فهو معذور لكن أنت لم تنس ، وقد قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا
عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) المائدة/2 .
"اللقاء الشهري" (70/ 44) بترقيم الشاملة .
وإذا كان هذا واجبا في حق كل
أحد ؛ فكيف إذا كان هو الزوج ؛ لا شك أن الأمر في شأنه أوجب ، وأن حقه عليك أوكد .
فعليك التوبة والاستغفار ، وألا تعودي لمثله بعد ذلك ، وأن تكوني لزوجك خير معين
على أمر الدنيا والآخرة ، ومن ذلك أنك إذا رأيتيه على معصية أو يريد فعل معصية
نهيتيه عنها وذكرتيه بالله .
والله أعلم .