عنوان الفتوى : كثير الحلف بالطلاق ولما راجعته زوجته قال لها مستفهما : ( يعني أنت الآن طالقة؟ إيه يعني) فهل يقع بذلك الطلاق؟
زوجي دائما يحلف بالطلاق ، وأنا في فترة الحمل كان يحلف علي أن آكل ، وكنت أنفذ وآكل ما يحلف عليه ، في يوم قال لي : أحلف عليكِ بالطلاق ما تنزليش تحت ؟ فأنا قلت له زي الطلاقات اللي أنت وقعتها كلها ؟ قال لي يعنى انت دلوقت طالقه ؟! أيه يعني ؟ فانا قلت له : هي تحسب طلقه ، لأن الطلاق ليس فيه هزار ، جده جد ، وهزله جد . قال لي : أنا لا أقصد طلاق ، ولكنه رد على كلامك ، والكلام كان بصيغة السؤال، فهل تحسب طلقة؟
الحمد لله :
جمهور أهل العلم على أن من حلف بالطلاق فقال : (علي الطلاق) للحث على فعل ، أو
للمنع منه: فإن الطلاق يقع بحصول الحنث .
وذهب فريق آخر ، منهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ، إلى عدم وقوع
الطلاق حينئذ ، إلا إذا كان قصد الزوج إيقاعه عند حصول المحلوف عليه , أما إذا لم
يكن قصده إيقاع الطلاق عند حصول المحلوف عليه : فإن الواجب حينئذ كفارة يمين , وهذا
هو المفتى به في الموقع كما سبق بيانه في الفتوى رقم (82780).
فعليك أن تراجعي زوجك في هذا وتتبيني منه نيته في هذه الأيمان التي بدرت منه.
أما قوله لك (يعنى أنت دلوقتى طلقه؟ ايه يعنى ) فإنه قد ذكر أنه
لم يكن يقصد بهذا إيقاع الطلاق , ولكنه كان يقصد الاستفهام منك والاستفسار , فكان
معنى كلامه : يعني أنت الآن طالقة؟ ثم عقب على ذلك بقوله : إيه يعني.
وما دام أنه قد ذكر أنه لا يقصد بهذا اللفظ إيقاع الطلاق ، وإنما يقصد مجرد
الاستفهام ؛ فإنه لا يقع الطلاق .
وننصح لهذا الزوج أن يمتنع عن الحلف بالطلاق ، وعن إجراء ذلك
على لسانه ، والتهاون به في حديثه ؛ فإن عواقبه وخيمة ، وفيه نوع من التلاعب بكتاب
الله عز وجل ، وإذا كان النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد اعتبر من يطلق
امرأته ثلاثاً جميعاً متلاعباً بكتاب الله ، فكيف بمن اتخذ الطلاق ديدنه ، فكلما
أراد منع زوجته من شيء أو حثها على فعل شيء حلف بالطلاق ؟!
روى النسائي (3401) عن مَحْمُود بْن لَبِيدٍ قَالَ أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلاثَ تَطْلِيقَاتٍ
جَمِيعًا ، فَقَامَ غَضْبَان ثُمَّ قَالَ : أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا
بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟! حَتَّى قَامَ رَجُلٌ وَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ؛ أَلا
أَقْتُلُهُ .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله : رجاله ثقات اهـ وصححه الألباني في غاية المرام
(261) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هؤلاء السفهاء الذين يطلقون ألسنتهم بالطلاق في كل هين وعظيم ، هؤلاء مخالفون لما
أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في قوله : ( مَنْ كَانَ
حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ ) رواه البخاري (2679) . فإذا أرد
المؤمن أن يحلف فليحلف بالله عز وجل ، ولا ينبغي أيضاً أن يكثر من الحلف لقوله
تعالى : ( وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ) المائدة / 89 . ومن جملة ما فسرت به الآية
أن المعنى : لا تكثروا الحلف بالله .
أمّا أن يحلفوا بالطلاق مثل : علي الطلاق أن تفعل كذا ، أو علي الطلاق ألا تفعل ،
أو إن فعلت فامرأتي طالق ، أو إن لم تفعل فامرأتي طالق ، وما أشبه ذلك من الصيغ :
فإن هذا خلاف ما أرشد إليه النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اهـ فتاوى
المرأة المسلمة (2/753) .
والله أعلم.