عنوان الفتوى : هل يؤخر الحج لوجود مشكلة مع زوجته
أنا أتكلم بالنيابة عن أخي . يخطط أن يقوم بأداء الحج هذه السنة , ولكن للسبب التالي لا زال متحيراً هل يذهب أم لا ؟ مع الأسف فإنه على غير وفاق مع زوجته ولا يعيشون سوياً الآن، يعيش مع والديه وتعيش هي بمفردها مع ولدهما . بما أن وضعه العائلي ليس مستقراً ولم يتم حل المشكلة فلا هو طلقها ولا هما يعيشان سوياً، لا يدري هل من الصواب أن يترك مشكلته من غير حل ويذهب للحج . هل يمكن أن تنصحه في هذا الموضوع .
الحمد لله
يجب على المسلم متى كانت عنده الاستطاعة على الحج أن يبادر إليه ، ولا يجوز له تأخيره من غير عذر ، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (تَعَجَّلُوا إِلَى الْحَجِّ - يَعْنِي الْفَرِيضَةَ - فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ) رواه أحمد (2721) وصححه الألباني في الإرواء (990) . وقوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ) حسنه الألباني في صحيح أبي داود (1524) .
وما ذكرته من مشكلة أخيك ، فليس ذلك عذرا في تأخير الحج ، لأن الحج لن يحول بينه وبين حل هذه المشكلة ، إذ بإمكانه أن يسعى في حل هذه المشكلة وينهيها قبل الحج . وقد يكون حجه سببا لحل مشكلته بما يدركه من توفيق الله له ببركة الحج والطاعة ، وقد يدعو في حجه بدعاء لأجل هذا الأمر فيستجيب الله له فيفرج كربته .
ثم النصيحة لأخيك أن لا يتعجل في الطلاق ، بل عليه أن يتريث ويتمهل ، فإن الطلاق مما يكرهه الله تعالى.
ثم إن كانت المشكلة التي بينه وبين زوجته سببها تفريطها في حق الله تعالى ، كما لو كانت مفرطة في الصلاة ، أو غير عفيفة ... إلخ فعليه أن يعظها ، ويذكرها بالله ، ويدعوها إليه ، ويحاول الأخذ بيدها إلى طاعة الله تعالى . فإن أصرت على عدم الاستجابة له ، فلا خير له في إمساكها حينئذٍ .
وأما إن كانت المشكلة بينهما مما يحصل كثيرا بين الزوجين من الخلاف في أمور المعيشة والبيت وما أشبه ذلك ، فإن عليه أن يصبر ، ويحسن عشرتها ، ويحاول جاهداً أن يصلح منها ما يراه غير مناسب . فإن الله تعالى يقول: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا) النساء/19. فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالمعروف من الصحبة الجميلة ، وكف الأذى ، وبذل الإحسان ، وحسن المعاملة . ومن العشرة بالمعروف أيضاً : تحمل الأذى الذي قد يحصل له من زوجته ، وليعلم أنه في ذلك مثاب من الله تعالى .
وقد يكره الرجل المرأة ، ولكنه يمسكها طاعةً لله تعالى ، وإحساناً إليها ، فيجعل الله له في ذلك خيراً كثيراً ، فقد يرزق منها ذرية صالحة ينتفع بها في دنياه وأخراه ، وربما تزول الكراهة وتخلفها المحبة ، كما هو الواقع كثيرا .
ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم : (لا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ) رواه مسلم (1469) . (لا يفرك) أي لا يبغض . والمعنى : أنه لا ينبغي للمؤمن أن يبغض مؤمنة ، لأنه إن وجد فيها خلقا سيئاً يكرهها بسببه ، فسيجد فيها خلقا آخر محمودا يحبها بسببه ككونها عفيفة أو رفيقة به أو مطيعة . . . أو غير ذلك من الأخلاق الحسنة . وهكذا الناس كلهم ، فيوجد في الشخص بعض الصفات الحسنة وبعض الصفات القبيحة ، كما قيل :
ومن ذا الذي تُرضَى سَجَاياه كلُّها كفى المرءَ نبلاً أنْ تُعَدَّ مَعَايِبُه
والعاقل هو الذي يوازن بين الحسنات والسيئات .
وليكثر أخوك من الدعاء في مواطن الدعاء في الحج وغيرها أن الله تعالى يصلح له زوجه ، ويؤلف بين قلوبهما .
والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |