عنوان الفتوى : كيف تتم توبة السارق الذي لا يعلم مقدار ما سرق
ما حكم توبة السارق الذي لا يعلم مقدار ما سرق حتى يرده؟ وهل يجوز التصدق بمبلغ ما؟ أم ماذا يفعل حتى تتم توبته؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالسرقة من أعظم المنكرات، ومن كبائر الذنوب، ومن هنا فقد رتب الله تعالى عليها في الدنيا عقوبة عظيمة في قوله سبحانه: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ { المائدة:38}.
لكن من استتر بستر الله عليه ولم يفضح نفسه بالكشف عما ألم به فذلك هو الأولى، لقوله صلى الله عليه وسلم: اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله عنها، فمن ألم بشيء منها فليستتر بستر الله تعالى، وليتب إلى الله تعالى، فإنه من يبد لنا صفحته نقم عليه كتاب الله. رواه الحاكم من حديث ابن عمر، ورواه مالك في الموطأ مرسلاً عن زيد بن أسلم.
فليتب مرتكب تلك الخطيئة إلى الله توبة نصوحا وليستغفره مما كان منه وليكثر من الأعمال الصالحة، وليعقد العزم ألا يعود إلى مثل ذلك الفعل، ومن تاب تاب الله عليه، لكن لا بد في التوبة هنا من رد الحق إلى أصحابه أو التحلل منهم، وإذا كان يجهل مقدار الحق فليجتهد برد ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، ولا يجزئه أن يتصدق بالحق مع إمكان إيصاله إلى أصحابه ولو بطرق غير مباشرة، وأما لو جهل أصحاب الحق أو لم يستطع الوصول إليهم حتى أيس منهم فله أن يتصدق بالحق عنهم، جاء في مطالب أولي النهى للرحيباني ناقلا عن ابن تيمية ـ رحمه الله ـ قوله: إذا كان بيد الإنسان غصوب أو عواري أو ودائع أو رهون قد يئس من معرفة أصحابها فالصواب أن يتصدق بها عنهم. والله أعلم.
وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن فخرج فلم يجد البائع فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول: اللهم عن رب الجارية.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 23322.
والله أعلم.