عنوان الفتوى : من أحكام السترة والمرور أمام المصلي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان الشخص الذي قد فتح الخزانة، قد مَرَّ أمامك، أو وقف، أو مد يده مثلا، ونحو ذلك مما يترتب عليه تشويش عليك، فإنه يعتبر آثما.
جاء في حاشية العدوي على شرح الخرشي المالكي: قوله: وأثم مار إلخ) وكذا مناول آخر شيئا، ومكلم آخر بين يدي مصل. انتهى.
لكن إذا كان الشخص المذكور قد احتاج لفتح الخزانة التي جعلتَها سترة، فلا إثم عليه، بل تأثم أنت إذا كنت قد تحققت، أو غلب على ظنك أن تلك الخزانة تكثر الحاجة لفتحها عادة، فينطبق عليك أنت حينئذ حكم من صلى بغير سترة في مكان يكثر فيه المرور.
جاء في شرح الخرشي المالكي: يعني أن المار إذا كان له سعة في ترك المرور بين يدي المصلي، ومر، فإنه يأثم كان بين يدي المصلي سترة أم لا، تعرض المصلي أم لا، فإن كان لا مندوحة له، والمصلي هو الذي تعرض للمرور بأن صلى لغير سترة بمحل يخشى به المرور وهو قادر عليها، أو على الانحياز إلى شيء، فلا إثم على المار، ويأثم المصلي فقط حيث حصل المرور له في المحل المذكور. انتهى.
لكنك لا تأثم إذا كانت السترة بعيدة منك بمقدار ثلاثة أذرع مثلا، وقيل يعتبر البعد هنا بحسب ما تعارف عليه الناس عادة، وهذا هو الذي رجحه بعض أهل العلم كما سبق تفصيله في الفتوى رقم:132883
وبخصوص المسافة التي ينبغي أن تجعلها بينك وبين السترة، فهي مقدار ثلاثة أذرع من قدميك.
جاء في المهذب للشيرازي الشافعي متحدثا عن سترة المصلي: والمستحب أن يكون بينه وبينها قدر ثلاثة أذرع؛ لما روى سهل بن سعد الساعدي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بينه وبين القبلة قدر ممر العنز، وممر العنز قدر ثلاثة أذرع. انتهى.
وفي أسنى المطالب : (وَلَا يُبْعِدُهَا) مِنْ قَدَمَيْهِ (عَنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ) لِخَبَرِ بِلَالٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا صَلَّى فِي الْكَعْبَةِ جَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَائِطِ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ» ؛ وَلِأَنَّ ذَلِكَ قَدْرُ مَكَانِ السُّجُودِ، وَلِذَلِكَ اُسْتُحِبَّ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ بِقَدْرِ ذَلِكَ) . انتهى .
وفي الشرح الكبير لابن قدامة: ولأن قربه من السترة أصون لصلاته، وأبعد من أن يمر بينه وبينها شيء، وينبغي أن يكون مقدار ذلك ثلاثة أذرع. انتهى.
والله أعلم.