عنوان الفتوى : هل هدم يزيد بن معاوية الكعبة ؟
قرأت في الإنترنت أن يزيد هدم الكعبة ، فهل هذا صحيح ؟
الحمد لله
يجب التحري عند قراءة التاريخ ، وأخذه من مصادره الموثوقة ، وعدم اعتماد ما يتناقله
الناس عبر الانترنت وغيره إلا بعد التأكد من صحته ؛ فإن كثيرا من الروايات
التاريخية لا تصح ، بل إن كثيرا منها لا أصل له .
ويزيد بن معاوية لم يهدم الكعبة ، إنما هدمها ابن الزبير ليبنيها من جديد على الوجه
الذي كان يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تكون عليه .
فروى البخاري (1586) ومسلم (1333) عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : ( يَا
عَائِشَةُ ، لَوْلاَ أَنَّ قَوْمَكِ حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ لَأَمَرْتُ
بِالْبَيْتِ فَهُدِمَ ، فَأَدْخَلْتُ فِيهِ مَا أُخْرِجَ مِنْهُ ، وَأَلْزَقْتُهُ
بِالأَرْضِ ، وَجَعَلْتُ لَهُ بَابَيْنِ، بَابًا شَرْقِيًّا ، وَبَابًا غَرْبِيًّا
، فَبَلَغْتُ بِهِ أَسَاسَ إِبْرَاهِيمَ ) ، فَذَلِكَ الَّذِي حَمَلَ ابْنَ
الزُّبَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَلَى هَدْمِهِ .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية
رحمه الله :
" وأما ملوك المسلمين من بني أمية وبني العباس ونوابهم : فلا ريب أن أحدا منهم لم
يقصد إهانة الكعبة ، لا نائب يزيد ، ولا نائب عبد الملك : الحجاج بن يوسف ، ولا
غيرهما ؛ بل إن المسلمين كانوا معظمين للكعبة ، وإنما كان مقصودهم حصار ابن الزبير
، والضرب بالمنجنيق كان له لا للكعبة ، ويزيد لم يهدم الكعبة ولم يقصد إحراقها ، لا
وهو ولا نوابه باتفاق المسلمين ، ولكن ابن الزبير هدمها تعظيما لها ، لقصد إعادتها
وبنائها على الوجه الذي وصفه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها ،
وكانت النار قد أصابت بعض ستائرها فتفجر بعض الحجارة ، ثم إن عبد الملك أمر الحجاج
بإعادتها إلى البناء الذي كانت عليه زمن رسول لله صلى الله عليه وسلم إلا ما زاد في
طولها في السماء فأمره أن يدعه فهي على هذه الصفة إلى الآن " انتهى من "منهاج السنة
النبوية" (4 /348) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" قال ابن جرير: وفي هذه السنة - يعني سنة أربع وستين - هدم ابن الزبير الكعبة،
وذلك لأنه مال جدارها من رمي المنجنيق ، فهدم الجدار حتى وصل إلى أساس إبراهيم ،
وكان الناس يطوفون ويصلون من وراء ذلك ، وجعل الحجر الأسود في تابوت في سرق من حرير
، وادخر ما كان في الكعبة من حلي وثياب وطيب ، عند الخزان ، حتى أعاد ابن الزبير
بناءها على ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبنيها عليه من الشكل ، ثم
لما غلبه الحجاج بن يوسف في سنة ثلاث وسبعين : هدم الحائط الشمالي ، وأخرج الحجر
كما كان أولا ، وأدخل الحجارة التي هدمها في جوف الكعبة فرصها فيه، فارتفع الباب
وسد الغربي " انتهى من "البداية والنهاية" (8 /275).
والله أعلم .
أسئلة متعلقة أخري | ||
---|---|---|
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي... |