عنوان الفتوى : عهدت الوالدة إلى بنتها ألا تزور جارتها في حياتها أو بعد موتها
أتقدم إليكم بسؤالي هذا آملًا منكم الجواب الكافي. قبل وفاة والدتي - يرحمها الله - التي تبلغ من العمر اثنين وسبعين عامًا حصلت معركة بينها وبين جارتنا التي كان عمرها خمسة وأربعين سنة بالكلام على بعضهما, وذلك ناتج عن سوء الفهم بينهما, وهذه المرأة جارتنا جميعًا وصديقتي وزميلتي, وبعد المجادلة والكلام قالت لي والدتي: (الله لا يسامحك - في حياتي أو بعد مماتي - إن ذهبت إلى هذه المرأة في منزلها) فخفت من كلام والدتي, وعزمت على عدم الذهاب لمنزلها, وبعد الخصام بينهما توفيت والدتي - يرحمها الله - بعد سنة, رغم أن هذه الجارة جاءت لعزائها, فهل نذهب إلى منزل جارتنا كالمعتاد؟ فجارتنا صديقة لي وجارة, وقد دعتنا لفرح بناتها ولم أذهب بسب ذلك, مع العلم أنني خائفة مما قالت لي والدتي: (لن أسامحك إن ذهبت إليها - سواء في حياتي أو بعد مماتي -) وهذا منذ سنة, فنأمل - يا شيخنا الفاضل - أن ترد عليّ بالجواب – جزاك الله خيرًا -.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك تنفيذ ما عهدت به والدتك إليك من ترك زيارة هذه الجارة؛ إذ ترك التزاور بينكما خلاف المندوب إليه شرعًا من الإحسان إلى الجار ومودته، وقد نص أهل العلم أن إنفاذ الوصية في المكروه مكروه، قال الدسوقي: تنفيذ الوصية بالمكروه مكروه.
قال الشيخ عطية صقر: وإنفاذ عهدهما من بعدهما ـ قد يراد به أن ينفذ الولد العهود التي تعهد بها والداه لغيرهما من الناس, ولم يستطيعا تنفيذها قبل الموت ـ كالديون مثلًا ـ وقد يراد تنفيذ العهود والوعود التي عهد الوالدان للولد أن ينفذها بعد الموت, لكن ذلك كله في الشيء الواجب فيكون التنفيذ واجبًا, وفي المندوب يكون التنفيذ مندوبًا.
ويقول الشيخ عبد المحسن العباد: إذا عهدا إليه بشيء, أو أوصيا بوصية، ينفذ تلك الوصية إذا كانت مشروعة وسائغة وليست مخالفة للشرع، أما إذا كانت مخالفة للشرع فلا ينفذ ما كان مخالفًا للشرع.
والله أعلم.