عنوان الفتوى : حكم العمل الصالح تقربا لله وتيسيرا لحاجة
من المعلوم أن من قدَّم خيرًا أو طاعة خالصة لله أفضل ممن قدَّم طاعة يتوسل بها إلى الله ويتقرب بها إلى الله لكي يفرج همَّه أو يشفي مريضه؛ لأن الله سيعطيه أمر الدنيا والآخرة إذا لم يشترط بها شيئًا, فكيف نفرِّق بين هذا وبين قصة الثلاثة الذين أطبقت عليهم الصخرة؟جزيتم خيرًا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما ذكرته من كون العمل بقصد التقرب إلى الله تعالى محضًا لا تشوبه شائبة، أفضل من العمل بقصد القربة مع تحقيق الرغبة, وتيسير الحاجة أمر صحيح, وقد بسطنا هذا المعنى في الفتويين التاليتين: 25249 - 129078 فراجعيهما.
أما ما استشكلت من أمر حديث الغار: فوجه الفرق بين الأمرين ظاهر؛ إذ لم يعمل أصحاب الغار أعمالهم التي توسلوا بها حين عملوها بغرض التوسل - كما في الحالة المذكورة في السؤال - وإنما كانت بقصد القربة محضًا لا شائبة فيه، ثم توسلوا بها بعد ذلك حين نزل بهم الكرب، فلا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ولا يشوب نياتهم الخالصة بشائبة، قال ابن بطال: راعى الله له حق تفضله فعجل له المكافأة في الدنيا, بأن خلصه بذلك من هلكة الغار، والله تعالى يأجره على ذلك في الآخرة. اهـ
والتوسل بالأعمال الصالحة جائز, بل مأمور به, ولا ينافي الإخلاص؛ إذ الإخلاص نفسه عبادة يتوسل بها, كما في الحديث المذكور، يقول ابن باز: أما الوسيلة المشروعة، فهي التوسل إلى الله بالإيمان، والعمل الصالح، وسائر ما شرعه الله جل وعلا، وهي المراد في قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ} يعني: القربة إليه بطاعته، كالصلاة, والصوم, والصدقة، والحج، وإخلاص العبادة لله ونحو ذلك. اهـ
قال الحافظ ابن حجر في الفتح في شرح حديث الغار: وفي هذا الحديث استحباب الدعاء في الكرب, والتقرب إلى الله تعالى بذكر صالح العمل.
وحري بالتنبيه: أن أداء العمل بقصد القربة, مع تحقيق الرغبة, وتيسير الحاجة ليس منافيًا للإخلاص، وإن كان مفضولًا بالنسبة إلى العمل الذي لا شائبة معه، كما بينا في الفتوى المحال عليها.
والله أعلم.