عنوان الفتوى : حكم التخبيب وزواج المخبب بمن خبب بها
إخواني الأعزاء بعد التحية المباركة على حضرتكم والسلام، أرجو أن تفتوني في أمري، وكلي خجل مما فعلت، وقد فعلته عن جهل والله. وعند وقوع الفأس في الرأس علمت أن ما أقوم به هو كبيرة من الكبائر والعياذ بالله. في الحقيقة أنا كنت على علاقة بفتاة، وكان هناك ود وحب بيننا، وحاولت أن أتقدم لها، لكن والدي كان لي بالمرصاد لكرهه لأبيها. ومضت الأيام، وقطعت علاقتي بها فوراً حين رأيت أنه لا يوجد نصيب، وتعمدت عدم الاتصال بها خشية من الله عز وجل. لكن مضت الأيام وخطبت هذه الفتاة بعقد نكاح- وربي يشهد علي- كأن نارا أوقدت في داخلي، وإذا بنفسي تأمرني أن أتصل عليها وأجبرها أن تترك خطيبها، وأني سأتزوجها إذا كان حالها غير مريح مع هذا الشخص. وبالفعل فرحت الفتاة-وياليتها لم تفرح. واستمررت على اتصالي بها إلى أن قطعت علاقتها مع خطيبها، وهي تنتظر أن يطلقها، وهي تزيد كرها في هذا الرجل، وهو يهددها بأنه سوف يتزوج ويتركها في هذا الحال حتى يذلها ويعلقها، علماً أنها تزوجته إكراهاً على حد تعبيرها. لكن والله ما كنت أدري أني ارتكب كبيرة من الكبائر في حق هذا الرجل، ونفسي، والفتاة، وما كانت نيتي التخريب على هذا الرجل، لكن أرى تخريبا قد بدر مني. أرجو أن تفتوني في أمري؛ إذ إني قطعت العلاقة بيني وبينها، لكن بدون علمها، وعاهدت نفسي أمام الله أن لا أرد على أي اتصال منها، واستغفرت ربي حين علمت أني مخبب، إلى أن يرسو حالها مع هذا الرجل أن تعود إليه أو لا سمح الله يطلقها. سؤالي: هل تركي لها قبل التطليق، واستغفاري لله، مع العلم أني أتعذب يومياً عذابا نفسيا لم أعشه في حياتي، ولم أتوقع أن أعيشه وأعتبره جزاء وتعذيبا من الله. فهل إذا طلقت وأنا قاطع لعلاقتي بها تجوز لي أو تحرم علي؟ وهل لهذا الرجل حق علي في الدنيا إذ إني تركت الأمور قبل حصول الطلاق. لكن العلاقة بينهما منقطعة. أفتوني في أمري جزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن ما أقدمت عليه أمر خطير، وجرم عظيم، ألا وهو تخبيب الزوجة على زوجها، بمعنى إفسادها عليه، وقد ورد فيه وعيد شديد، ففي سنن أبي داود وغيره، عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده. فالواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وراجع شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450. ومن تمام التوبة منه استحلال هذا الزوج من هذا الذنب ما لم تخش حصول مفسدة أكبر، فتكتفي بالدعاء له بخير، وراجع الفتوى رقم: 118223.
وأما مسألة جواز زواجك منها من عدمه في حال تطليق زوجها لها فنقول فيه: اختلف الفقهاء في حكم زواج المخبب بمن خبب بها، والجمهور على جوازه، وذهب المالكية إلى عدم الجواز، والراجح عندنا مذهب الجمهور كما أوضحنا بالفتوى رقم: 7895.
وننبه في الختام إلى وجوب الحذر من العلاقات العاطفية قبل الزواج، فإنها قد تترتب عليها كثير من المفاسد، وما وقع منك مع هذه الفتاة خير دليل على ما ذكرنا. وتراجع الفتوى رقم: 30003.
والله أعلم.