عنوان الفتوى : سبب اختلاف عدد التسبيحات في صلاة التسابيح
أخبرنا حبيب بن إبراهيم، ومحمَّد بن محمَّد، أخبرنا محمود بن إسماعيل، حدَّثنا أحمد بن مُحمَّد، أخبرنا سُليمانَ بن أحمد بن أيُّوب، حدَّثنا عُبيدٍ بن غَنّام، حدَّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا زيد بن الحُباب, حدَّثنا موسى بن عُبيدة, عن سعيد بن أبي سعيد مولى أبي بكرٍ بن حزم, عن أبي رافع: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ للِعَبّاسِ: يَا عَمِّ, أَلاَ أَصِلُكَ, أَلاَ أَحْبُوكَ, أَلاَ أَنْفَعُك, قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ, قَالَ: "تُصَلِّي يَا عَمُّ أَرْبَعُ رَكَعاتٍ, تَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ, فَإذَا اَنْقَضَتِ القِرَاءةُ, فَقُلْ: اللهُ أَكبَرُ, وَالْحَمْدُ للهِ, وَسُبْحَانَ الله, وَلاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً قَبْلَ أَنْ تَرْكَعَ, ثُمَّ ارْكَعَ فَقُلْهَا عَشْرًا, ثُمَّ ارْفَعَ رَأْسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا, ثُمَّ اسْجُدْ فَقُلْهَا عَشْرًا, ثُمَّ ارْفَعْ رَأسَكَ فَقُلْهَا عَشْرًا, فَتِلْكَ خَمْسٌ وَسَبْعَونَ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ, وَهِيَ ثَلاثُ مِئةَ فِي أرْبَعَ رَكَعاتٍ, فَلَوْ كَانتْ ذُنُوبُكَ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ غَفَرَ اللهَ لَكَ, قالَ: يَا رَسُول الله, وَمَنْ يَسْتَطعْ أَنْ يَقُولُها فِي كُلِّ يَومٍ؟ قالَ: فَإِنْ لَمْ تَستِطعْ أَنْ تُصَلِّيَها فِي يَوْم فَصَلِّهَا في جُمُعَةٍ, حَتَّى قَال: صَلِّهَا في شَهْرٍ, حَتَّى قَالَ : صَلِّهَا في سَنَةٍ". هل هذا الحديث صحيح علمًا أن العدد عند جمع الأذكار يكون 65 وليس 75؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث من أحاديث صلاة التسابيح، وقد ضعفها جماعة من الأئمة المتقدمين كالإمام أحمد، وعلي بن المديني، والترمذي والعقيلي، بل حكم عليها ابن الجوزي وابن تيمية بأنها موضوعة؛ وذلك لضعف أسانيدها ونكارة متونها، ومخالفتها للمعهود من صفة الصلاة.
قال ابن تيمية: وكل صلاةٍ فيها الأمر بتقدير عدد الآيات، أو السور، أو التسبيح فهي كذبٌ باتفاق أهل المعرفة بالحديث إلا صلاة التسبيح، فإن فيها قولين لهم، وأظهر القولين إنَّها كذب, وإن كان قد اعتقد صدقها طائفة من أهل العلم؛ ولهذا لم يأخذها أحد من أئمة المسلمين, بل أحمد بن حنبل وأئمة الصحابة كرهوها، وطعنوا في حديثها، وأما مالك وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم، فلم يسمعوها بالكلية, ومن يستحبها من أصحاب الشافعي وأحمد وغيرهما، فإنما هو اختيار منهم، لا نقل عن الأئمة, وأما عبد الله بن المبارك، فلم يستحب الصفة المذكـورة المأثورة التي فيها التسبيح قبل القيام، بل استحب صفة أخرى توافق المشروع لئلا تثبت سنة بحديثٍ لا أصل له. أهـ.
وقد حسنها جمع من المتأخرين، كما بيناه في الفتوى: 11245.
أما عدد التسبيحات : فقد جاء في روايات الحديث ذكر جلسة الاستراحة بعد السجدة الثانية وفيها عشر تسبيحات، فيكون المجموع خمسًا وسبعين، فعند أبي داوود في سننه: أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم، قلت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، خمس عشرة مرة، ثم تركع، فتقولها وأنت راكع عشرًا، ثم ترفع رأسك من الركوع، فتقولها عشرًا، ثم تهوي ساجدًا، فتقولها وأنت ساجد عشرًا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرًا، ثم تسجد، فتقولها عشرًا، ثم ترفع رأسك، فتقولها عشرًا، فذلك خمس وسبعون في كل ركعة... الحديث, فبينت هذه الرواية أن ذكر جلسة الاستراحة سقط من الرواية المذكورة في السؤال.
والله أعلم.