عنوان الفتوى : متى تنتهي عدة المطلقة رجعياً ؟ هل بانقطاع الدم وحصول الطهر أو لا بد من الاغتسال ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

طلقت زوجتي في 20/9/2012 ، وبعدها بيومين حاضت ، وأكملت الحيضة الثالثة يوم 9/11/2012 أي بعد 50 يوم تقريبا ، وكانت نيتي أن أراجعها إلا أنها طلبت منى أن أعلمها قبل أن أردها ، ولم أتوقع أن تمر الثلاث قروء بهذه السرعة ، لذا عندما علمت قمت بردها قبل أن تطهر من الحيضة الثالثة ، فقالت لي : إن الدم توقف ، ولكنها لم تطهر كسلا منها ، وأنها لا توافق علي الرجوع ، حيث تقول : إن عدتها انتهت ؛ لأنها تريد أن ترجع بشروط . فهل هي الآن زوجتي بحكم أني رددتها ؟ ، أم أنها أصبحت غريبة عني ، ولا يحق لي النظر إليها كزوج ، إلا بعقد جديد ومهر جديد ؟ علما بأني لم أثبت الطلاق بشكل رسمي .

مدة قراءة الإجابة : 7 دقائق


الحمد لله
أولاً :
الأصل أن المرأة يقبل قولها في انتهاء العدة إذا ادعت ذلك في مدة يمكن انقضاء العدة فيها .
قال ابن قدامه رحمه الله : " أن المرأة إذا ادعت انقضاء عدتها , في مدة يمكن انقضاؤها فيها , قبل قولها ; لقول الله تعالى : ( ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) قيل في التفسير : هو الحيض والحمل ، فلولا أن قولهن مقبول , لم يَحْرَجْن بكتمانه , ولأنه أمر تختص بمعرفته , فكان القول قولها فيه " .
انتهى من " المغني " (7/406) ، وينظر: " الشرح الممتع " (13/198) .

ثانياً :
إذا تقرر أن القول قول المرأة في انقضاء العدة – كما سبق - ، وأخذنا بدعوى امرأتك في قولها أن الدم قد توقف ، ففي هذه الحال تكون الرجعة قد حصلت بعد انقطاع الحيض وقبل الاغتسال ، والرجعة في تلك الحال مختلف في صحتها ، على قولين :
القول الأول : أن الرجعة صحيحة مادام أن المرأة لم تغتسل من الحيضة الثالثة .
واستدل أصحاب هذا القول على قولهم بآثار مروية عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم ، ومنها :
ما أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " والهيثمي في " مجمع الزوائد " عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجاءه رجل وامرأته فقال : " امرأتي طلقتها ثم راجعتها فقالت المرأة : أما إن لم يحملني الذي كان منك أن أحدث الأمر على وجهه فقال عمر رضي الله عنه : حدثي فقالت : طلقني ثم تركني حتى إذا كان في آخر ثلاث حيض ، وانقطع عني الدم ، وضعت غسلي ورددت بابي فنزعت ثيابي ، فقرع الباب وقال : قد راجعتك قد راجعتك فتركت غسلي ولبست ثيابي فقال عمر رضي الله عنه : ما تقول فيها يا ابن أم عبد ؟ فقلت : أراه أحق بها ما دون أن تحل لها الصلاة فقال عمر : نعم ما رأيت وأنا أرى ذلك " أخرجه عبد الرزاق في " المصنف " والهيثمي في " مجمع الزوائد " .
وقال الهيثمي رحمه الله : " ورجاله رجال الصحيح " انتهى من " مجمع الزوائد " (4/621) – ترقيم الشاملة - .
وروى عبد الرزاق في " مصنفه " – أيضاً - : " أن عليا قال في رجل طلق امرأته تطليقه أو تطليقتين ، قال : ( تحل لزوجها الرجعة عليها ، حتى تغتسل من الحيضة الثالثة ، وتحل لها الصلاة ) .

القول الثاني : أن الرجعة لا تصح بعد انقطاع الدم من الحيضة الثالثة ، وحصول الطهر ، حتى ولو لم تغتسل المرأة .
واستدل أصحاب هذا القول بقوله تعالى : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ ) سورة البقرة / 228 ، فقالوا : قوله ( في ذلك ) الإشارة هنا تعود إلى العدة المذكورة ، وهي ثلاثة قروء ، فجعل العدة ظرفاً لأحقية الزوج بالرجعة ، ومفهوم هذه الآية أن هذه القروء إذا مضت ولم يراجعها ، فإنه ليس له أن يراجعها .

قال ابن قدامه رحمه الله : " إذا انقطع حيض المرأة في المرة الثالثة , ولما تغتسل , فهل تنقضي عدتها بطهرها ؟ فيه روايتان ذكرهما ابن حامد :
إحداهما : لا تنقضي عدتها حتى تغتسل , ولزوجها رجعتها في ذلك ... ، وهذا قول كثير من أصحابنا , وروي ذلك عن عمر ، وعلي , وابن مسعود .... ، ولم يعرف لهم مخالف في عصرهم , فيكون إجماعا , ولأن أكثر أحكام الحيض لا تزول إلا بالغسل , وكذلك هذا .

والرواية الثانية : أن العدة تنقضي بمجرد الطهر قبل الغسل .... ؛ لقوله تعالى : ( والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ) ، والقرء : الحيض ، وقد زالت , فيزول التربص " .
انتهى اختصارا بتصرف يسير من " المغني " (7/402-403) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله – شارحاً لعبارة الزاد - :
قوله : ( فإذا طهرت من الحيضة الثالثة ولم تغتسل فله رجعتها ) ، وهذه المسألة فيها قولان لأهل العلم ، وهي من المسائل الكبيرة التي تكاد الأدلة فيها أن تكون متكافئة .
ثم نقل – رحمه الله – القولين في المسألة ، ومال إلى القول : بصحة الرجعة مادام أن المرأة لم تغتسل من حيضها ؛ استدلالاً بالآثار الواردة عن الصحابة .
انتهى من " الشرح الممتع " (13/193-194) .

فالحاصل : أن المسألة محل خلاف ، والمسألة ليس فيها نص صريح ، وحتى على القول بصحة الرجعة في تلك الحال ، فالذي يظهر من حال مطلقتك أنها لا تريد الرجعة لاعتقادها أن عدتها انتهت ، فقطعاً للنزاع ننصحك بالرجوع للقضاء ؛ لكي يفصل في المسألة .

تنبيه : إذا أوقع الزوج الطلاق وقع ، حتى ولو لم يحصل لذلك الطلاق توثيق في المحكمة ، وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (169624) .

والله أعلم .