عنوان الفتوى : أكمل الصبر ما كان عند الصدمة الأولى
خرجت أنا وزوجي ثم رجعت فوجدت باب شقتي مكسوراً وكل ذهبي مسروقا فكانت صدمة فأخذت أصرخ وأسب اللص وبعد حوالي 10 دقائق بدات أسترجع وأقول دعاء المصيبة فهل أضعت ثواب الصبر عند الصدمة وأرجوإفادتي بحجم ذنب اللص كي أقر عينا لأني في حسرة شديدة على الذهب ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فنسأل الله أن يأجرك في مصيبتك وأن يخلف عليك خيراً مما أخذ منك، وقد أحسنت في استرجاعك ودعائك بدعاء المصيبة، فقد روى مسلم في صحيحه عن أم سلمة رضي الله عنها أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمر الله إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني (وفي رواية آجرني) في مصيبتي وأخلف لي خيراً منها، إلا أخلف الله له خيراً منها، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت : أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولا يضرك كون دعائك لم يقع عند الصدمة الأولى، فإن فضل الله واسع، ولا شك أن أكمل الصبر، ما كان عند الصدمة الأولى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: الصبر عند الصدمة الأولى. متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وفي رواية: إنما الصبر عند الصدمة الأولى. قال النووي -رحمه الله- : معناه الصبر الكامل الذي يترتب على الأجر الجزيل لكثرة المشقة فيه، وأصل الصدم: الضرب في شيء صلب، ثم استعمل مجازا في كل مكروه حصل بغتة. انتهى
وأما اللص فقد ارتكب إثماً عظيماً وجرماً كبيراً، فالسرقة كبيرة من كبائر الذنوب، والسارق ملعون على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيحين: لعن الله السارق. وما سرقه مأخوذ منه إما عاجلاً وإما آجلاً، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة، حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء.
ولعل في هذا الابتلاء خيِر كثيِر لك من أجر الصبر عليه، ثم استرداده في الدنيا، أو الحصول على ما هو أعظم من ذلك في الآخرة حين لا يكون درهم ولا دينار، وإنما هي حسنات أو سيئات، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنّ رَسُولَ اللّهَ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟" قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ: "إِنّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمّتِي، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا. فَيُعْطَىَ هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ. فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أَنْ يُقْضَىَ مَا عَلَيْهِ. أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ. ثُمّ طُرِحَ فِي النّارِ". رواه مسلم.
والله أعلم.