عنوان الفتوى : أيهما اكثر أجرا الداعي أم المدعو إذا زاد عمله عن الداعي
أريد أن أسأل: سمعت حديثا يقول: من دعا إلى هدى كان له مثل أجر فاعله، فهل إذا دعا شخص أحدا لشيء ما وكان المدعو أكثر فعلا له أو أكثر لهذا الفعل من الداعي يبقى الداعي متفوقا عليه عند الله تعالى، وهل إذا رأيت أحدا يعمل عملا صالحا ففعلت مثله يكون له مثل الأجر؟ وهل هناك مجال للمنافسة بين الداعي والمدعو؟ أم سيبقى المدعو أقل درجة عند الله حتى لو كان أكثر بالطاعة، والدعوة بعد ذلك ممن دعاه؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن من دعا غيره إلى خير كان له من الأجر مثل أجر من دعاه ـ بغض النظر عن كثرة عمل الداعي وقلته ـ لا ينقص ذلك من أجر المدعو شيئا، وهذا من فضل الله تعالى وبركة الدعوة إليه، فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا.. الحديث رواه مسلم.
وفي هذا إجابة على سؤالك الثالث فكل داع إلى خير أو معلم لعلم نافع يحصل له أجر المدعو أو المتعلم إلى يوم القيامة ولو كان أكثر منه أو أقل طاعة من غير أن ينقص ذلك من أجرهم شيئا..قال الشيخ محمد عالي ولد عدود رحمه الله تعالى:
وكلُّ أجر حاصلٍ للشهدا * أو غيرهم كالعلماء والزُّهَدَا
حصل للنبـي مثله على * أجور ما كــــــان النبي فَعَلا
معَ مزيد عدد ليس يُحدُّ * وليس يُحصي عدّه إلاّ الأحد
إذ كل مهـتدٍ وعاملٍ إلى * يوم الجزاء شيخه قد حصلا
له من الأجر كأجر العاملِ * ومثل ذا من ناقص أو كامل
وشيخ شيــــخه له مثلاهُ * وأربعٌ لثـــــــــــــــالثٍ تلاهُ
وهكذا تضعيف كلِّ مرتبهْ * إلى رسول الله عالي المرتبهْ
ومن هنا يعلم تفضيل السلف * وسبقهم في فضلهم على الخلف.
ومن رأى شخصا يفعل خيرا فاقتدى به وفعل مثل فعله فالذي تدل عليه النصوص أن المقتدى به يحصل له مثل أجر المقتدي، فقد روى مسلم عن جرير بن عبد الله البجلي ـ رضي الله عنه ـ قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار، فجاء قوم حفاة عراة مجتابي النمار، فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بهم من الفاقة، فدخل ثم خرج فأمر بلالاً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال: وبعد: تصدق رجل من ديناره، من درهمه، من ثوبه، من صاع بره، من صاع تمره، حتى قال: ولو بشق تمرة، قال: فجاء رجل من الأنصار بصرة كادت كفه تعجز عنها، بل قد عجزت، قال: ثم تتابع الناس، فقال صلى الله عليه وسلم: من سنَّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء.. الحديث.
والله أعلم.