عنوان الفتوى : الوساوس يتخلص منها بالإعراض عنها ومجاهدة النفس
أنا مسلمة ملتزمة، حافظة للقرآن، مواظبة على الصيام والقيام، ودروس العلم بفضل الله عز وجل، ويصفني كثير من الناس غير المتدينين بالمتزمتة والمتشددة، أكاد أترك الصلاة- والعياذ بالله- بسبب الوسوسة. أنا التي كنت في زمن ليس ببعيد أبدأ بالصلاة قبل أن يبدأ الأئمة في المساجد بها – من شدة الحرص على التبكير في الصلاة- وصل بي المرض بالوسوسة لدرجة أني مرة أخرت صلاة الظهر عن وقتها، وفي بعض الأحيان أبدأ بالصلاة في آخر دقائق من الوقت! والله ليس تقصيرا وليس تكاسلا إنما لأن الوسوسة تأخذ مني وقتا كثيرا . أهم شيء في حياتي هو عبادتي وصلاتي. لكني مريضة بالوسوسة، والتي أدت هي والقلق المصاحب لها بالتالي إلى إصابتي بالقولون العصبي. القولون العصبي له أعراض: انتفاخ شديد، وإمساك، أو إسهال. وصعوبة في الدخول إلى المرحاض. وخروج الكثير من الغازات. هذا المرض أحيانا تظهر أعراضه بشكل كبير –خصوصا في حالات الإمساك- وأحيانا تكاد تنعدم. في كثير من الأحيان أظل أحس بالانتفاخ وأن الغازات ستخرج. لكنها لا تخرج دائما، أحيانا تخرج بدون توقف، في وقت معين لا أستطيع أن أعلم متى ستنقطع ومتى ستبدأ – في هذه الحالة أعمل بفتوى صاحب السلس. لكن هل يحق لي أن آخذ بفتوى صاحب السلس في الحالات الأخرى؟ أي عندما حقيقة لا أدري إن كانت ستخرج. مع العلم أنه في أغلب الوقت لا تخرج، وفي كثير من الأيام وحتى ربما أغلب الأيام لا تخرج. لكن هناك الكثير من الأيام أيضا –هي الأقلية لكنها كثيرة- تخرج ليس بكثرة لكن وبالذات في وقت الصلاة (أحيانا في صلاة واحدة في اليوم وأحيانا أكثر) عندما تخرج لا أدري إن كانت ستخرج مرة أخرى أم لا, فأعيد الوضوء, ثم إذا بدأت بالصلاة مرة أخرى فتعود وتخرج, ولكن أحيانا لا تعود. لذلك أنا في حيرة هل آخذ بحكم السلس في هذا الوضع؟ وإذا كان هذا الحال حكمه حكم صاحب السلس هل يجوز جمع الصلوات، علما بأني عندما أقول "تخرج" أقصد اليقين بخروجها وليس وهما؟ ملاحظة: في الغالب أظل أحس أنه ستخرج مني الغازات، وفعلا أحس بالانتفاخ الشديد، وأظل أحسب حساب تجديد الوضوء، وهذا يسبب لي القلق النفسي والتعب، وتزيد بذلك حدة القولون العصبي والوسواس القهري، ويسبب لي الكآبة والحزن الشديد، ويؤثرعلى مجرى حياتي بشكل كبير. فأنا فشلت في دراستي الجامعية لهذا السبب، ولا أرى أني أستطيع أن أتزوج بهذا الوضع أبدا على الرغم من الرغبة والحاجة للزواج. فأرجوكم أن تيسروا، وأن تفتوني بأيسر ما في دين الله لأني أحس أني سأموت من شدة الألم والتعب النفسي. والذي سبب عندي أعراضا نفسية عصبية مثلا أني في أكثر الوقت في حالة إرهاق شديد. يصل أحيانا إلى درجة الارتجاف في الأطراف، وألم شديد في الرأس، وحرقة في الجلد. سؤال آخر في نفس السياق: أحيانا إذا ذهبت للمرحاض لقضاء الحاجة لا تخرج بعدها الغازات. وأحيانا تظل مستمرة حتى وإن ذهبت للمرحاض. فهل إذا أخذت بحكم صاحب السلس وجب علي عندها أن أذهب للمرحاض لكي أتأكد أني فعلت ما بوسعي للتخلص من الغازات؟ مع العلم أن مريض القولون العصبي يظل يشعر أنه يحتاج المرحاض بعد الأكل –على الرغم من الإمساك- وإن ذهب قد لا يستعمل المرحاض بسبب الإمساك (أي يذهب لقضاء الحاجة ولا يستطيع، أو إن ذلك سيسبب له ألما شديدا) . فهل يظل يذهب للمرحاض وإن كان خارج البيت؟ وأحيانا تكون الحالة العكسية وهي الإسهال بعد الأكل. فهل يجب عليه قضاء الحاجة من أجل أن يسمح له بأخذ حكم صاحب السلس؟ ولكن من الصعب وغير المنطقي أن أذهب لقضاء الحاجة قبل كل صلاة. (علما أني آكل بأوقات الصلوات حسب السنة، ولأنه مفيد للشفاء من المرض ولكن الأكل يجعل عندي شعورا أني أحتاج المرحاض).
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد بلغ منك الوسواس مبلغا عظيما نسأل الله لك العافية، فعليك أن تجاهدي نفسك للتخلص من هذا الوسواس، فلا تلتفتي إليه ولا تعيريه اهتماما، وانظري الفتوى رقم: 51601 ، ورقم: 134196 وإذا كنت لا تعرفين وقتا محددا تتوقف فيه هذه الغازات عن الخروج فلك حكم صاحب السلس، فتوضئي للصلاة بعد دخول الوقت وصلي بوضوئك هذا الفرض وما شئت من النوافل، وانظري الفتوى رقم: 136434 وأما إذا علمت أو غلب على ظنك أنها تتوقف في وقت معين تستطيعين الوضوء والصلاة فيه فانتظري حتى يجيء ذلك الوقت، وانظري الفتوى رقم: 119395 ولا يلزمك الذهاب إلى المرحاض قبل كل صلاة، بل لا تذهبي إليه إلا إذا احتجت إلى ذلك، فإذا قضيت حاجتك فبادري بالقيام ولا تطيلي المكث، ثم إذا توضأت فلا تلتفتي إلى شيء من الوسوسة لا في غسل الأعضاء، ولا في أنه قد خرج منك شيء ولا في غير ذلك، بل لا تعيري هذه الوساوس اهتماما البتة، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.