عنوان الفتوى : مذهب الشيخ ابن عثيمين أنه لا يكفر من ترك الصلاة أحيانا
لدي استفسار عن فتاوى فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله بخصوص ترك الصلاة وحكمه ، حيث قرأت للشيخ رحمه الله أن ترك الصلاة بالكلية كفر ، ولكن إذا كان تركا لبعض الفروض فهو ليس كفر . وقرأت له أيضا أن من ترك فرضا واحد فقد كفر ، مثال على ذلك : إذا أراد أن ينام الشخص وضبط المنبه على الاستيقاظ بعد خروج صلاة الفجر فإنه يكفر . فكيف يكفر بترك فرض واحد متكاسلا ، ولا يكفر بترك بعض الفروض تكاسلا ؟ هذا الذي أريد أن أفهمه .
الحمد لله.
أولاً :
اختلف العلماء – القائلون بكفر تارك الصلاة – في الحد الذي يكفر به تارك الصلاة ، فذهب بعض العلماء إلى أنه لا يكفر إلا إذا ترك الصلاة بالكلية ، أما الذي يصلي أحيانا ويترك أحيانا ، فهذا لا يكفر .
واختار آخرون : أنه يكفر ولو ترك صلاة واحدة .
وللاستزادة في هذه المسألة ينظر : السؤال رقم : (83165)
، والسؤال رقم : (114426)
.
ثانياً :
القول الذي اختاره الشيخ ابن عثيمين من القولين السابقين ، هو القول الأول ، فهو
رحمه الله لا يرى أن من ترك صلاة أو صلاتين أنه يكفر ، بل الضابط عنده في الذي يكفر
بترك الصلاة : هو أن يترك الصلاة بالكلية ، أما الذي يترك الصلاة أحيانا ، فهذا لا
يكفر عند الشيخ .
فقال رحمه الله : " قال بعض العلماء : يكفر بترك فريضة
واحدة ، ومنهم من قال : بفريضتين ، ومنهم من قال : بترك فريضتين إن كانت الثانية
تجمع إلى الأولى .
وعليه ، فإذا ترك الفجر فإنه يكفر بخروج وقتها ، وإن ترك الظهر ، فإنه يكفر بخروج
وقت صلاة العصر .
والذي يظهر من الأدلة : أنه لا يكفر إلا بترك الصلاة دائما ، بمعنى أنه وطن نفسه
على ترك الصلاة ، فلا يصلي ظهرا ، ولا عصرا ، ولا مغربا ، ولا عشاء ، ولا فجرا ،
فهذا هو الذي يكفر.
فإن كان يصلي فرضا أو فرضين فإنه لا يكفر ؛ لأن هذا لا يصدق عليه أنه ترك الصلاة ؛
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ،
ولم يقل : ( ترك صلاة ) ، وأما ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( من
ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه الذمة ) ، ففي صحته نظر ، ولأن الأصل بقاء
الإسلام ، فلا نخرجه منه إلا بيقين ؛ لأن ما ثبت بيقين لا يرتفع إلا بيقين ، فأصل
هذا الرجل المعين أنه مسلم ، فلا نخرجه من الإسلام المتيقن إلا بدليل يخرجه إلى
الكفر بيقين " انتهى من " الشرح الممتع لابن عثيمين " ( 2 / 27 – 28 ) .
وقد سئل رحمه الله : عن الإنسان الذي يصلي أحيانا
ويترك أحيانا أخرى ، فهل يكفر ؟
فأجاب : " الذي يظهر لي أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق
بحيث لا يصلي أبداً ، وأما من يصلي أحيانا فإنه لا يكفر لقول الرسول صلى الله عليه
وسلم : ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ) ولم يقل ترك صلاة ، بل قال : "
ترك الصلاة " ، وهذا يقتضي أن يكون الترك المطلق ، وكذلك قال : ( العهد الذي بيننا
وبينهم الصلاة فمن تركها ـ أي الصلاة ـ فقد كفر ) ، وبناء على هذا نقول : إن الذي
يصلي أحيانا ويدع أحيانا ليس بكافر " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 12 / 55
) .
ثالثاً :
لم نقف – بعد البحث - على فتوى واحدة للشيخ ابن عثيمين يؤخذ منها : أنه يرى كفر من
ترك صلاة واحدة ، بل المشهور عنه - كما سبق – أنه يُكفر من ترك الصلاة مطلقاً .
وهذه بعض فتاويه رحمه الله في صلاة الفجر .
فقد سئل رحمه الله : عمن يؤخر صلاة الفجر حتى تطلع الشمس ، هل يعتبر كافراً ؟
فأجاب : " هذا لا يكفر لأنه لم يترك الصلاة لكن تهاون بها ولا يحل له أن يفعل ذلك ،
فإن فعل وهو يستطيع أن يقوم فيصلي في الوقت فإنه لا تقبل منه صلاته ، لأن القاعدة "
أن كل عبادة مؤقتة إذا تركها الإنسان حتى خرج وقتها بدون عذر فإنها لا تقبل منه "
.... " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " ( 12 / 31 ) .
وسئل - أيضا - : عن حكم من ترك صلاة الفجر ؟
فأجاب : " ترك صلاة الفجر إن كان المقصود تركها مع الجماعة فإن ذلك محرم وإثم ،
لأنه يجب على المرء أن يصلي مع الجماعة ، وإن كان المقصود أنه لا يصليها أبداً ، أو
لا يصليها إلا بعد طلوع الشمس فإنه على خطر عظيم ، حتى ذهب بعض أهل العلم إلى أنه
إذا أخر الصلاة حتى خرج وقتها بدون عذر فإنه يكون بذلك كافراً ، والواجب على كل من
كانت هذه حاله أن يتوب إلى الله ، وأن يقبل على ربه وعبادته " انتهى من " مجموع
فتاوى ابن عثيمين " ( 12 / 38 ) .
والله أعلم