عنوان الفتوى : الشيطان يسترق السمع بقدر الله
يقول تعالى (إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب) [ الصافات : 10]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:
فذكر ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية من سورة الصافات ما نصه: (أي إلا من اختطف من الشياطين الخطفة وهي الكلمة يسمعها من السماء فيلقيها إلى الذي تحته ويلقيها الآخر إلى الذي تحته فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربما ألقاها بقدر الله تعالى قبل أن يأتيه الشهاب فيحرقه فيذهب بها الآخر إلى الكاهن).
وهو بذلك يشير إلى الحديث الذي رواه البخاري رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعاناً لقوله كأنه سلسلة على صفوان ينفذهم ذلك حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا الحق وهو العلي الكبير. فيسمعها مسترق السمع ومسترق السمع هكذا بعضه فوق بعض ، وصفه سفيان أي راوي الحديث بكفه فحرفها وبدّد بين أصابعه فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل أن يلقيها وربّما ألقاها قبل أن يدركه فيكذب معها مائة كذبة فيقال أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا كذا وكذا فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء".
فالحاصل: أن ما يخطفه مسترق السمع إنما هو بقدر الله كما قال ابن كثير رحمه الله. والأمر الآخر أنّ مثل هذا الأمر من باب الفتن عافانا الله حتى يتمايز المؤمنون حقاً بالغيب من غيرهم ممن يعتقدون علم الغيب قد يكون عند بعض الناس كالكهان والسحرة فيسمع كلمة واحدة حقاً ومائة كذبة ومع ذلك ومن ضعف نفوسهم يصدقون ولا حول ولا قوة إلا بالله . والله تعالى أعلم.