عنوان الفتوى : قراءة الصحابة قبل الافتراق سورة العصر.. أسباب وأسرار
سمعت أن الصحابة الكرام كانوا يقرؤون على بعض سورة العصر؟ ولكن متى؟ وأين؟ وفي أي حال؟ ولماذا؟ أرجو التفصيل بارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كانوا يقرؤونها عند افتراقهم، كانهم يتواصون بما فيها. ففي الأثر: كان الرجلان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر : *( والعصر إن الإنسان لفي خسر )* ، ثم يسلم أحدهما على الآخر .
قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 307: أخرجه الطبراني في " الأوسط " ( 2 / 11 / 2 / 5256 ) : حدثنا محمد بن هشام المستملي: حدثنا عبيد الله بن عائشة حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي مدينة الدارمي - وكانت له صحبة - قال : ... فذكره . و قال : " لا يروى عن أبي مدينة إلا بهذا الإسناد. قال ابن المديني : اسم أبي مدينة عبد الله بن حفص " . قلت : وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال مسلم غير محمد بن هشام المستملي، وهو أبو جعفر المروزي المعروف بابن أبي الدميك، مستملي الحسن بن عرفة، توفي سنة ( 289 ) ، ترجمه الخطيب ( 3 / 361 - 362 ) ووثقه. وقال الدارقطني: لا بأس به. والحديث أورده الهيثمي في " المجمع " ( 10 / 307 ) وقال: " رواه الطبراني في " الأوسط " ، ورجاله رجال الصحيح غير ابن عائشة وهو ثقة " . ...اهـ
وقا ل الشوكاني في الفتح الرباني: قلت: ولعل الحامل لهم على ذلك ما اشتملت عليه من الموعظة الحسنة من التواصي بالحق والتواصي بالصبر بعد الحكم على هذا النوع الإنساني حكما مؤكدا بأنه في خسر، فإن ذلك مما ترجف له القلوب، وتقشعر عنده الجلود، وتقف لديه الشعور، وكأن كل واحد من المتلاقين يقول لصاحبه: أنا وأنت وسائر أبناء جنسنا وأهل جلدتنا خاسر لا محالة إلا أن يتخلص عن هذه الرزية، وينجو بنفسه عن هذه البلية بالإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق وبالصبر، فيحمله الخوف الممزوج بالرجاء على فتح أسباب النجاء، وقرع أبواب الالتجاء... اهـ
وقال الأستاذ سيد في الظلال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا لم يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة والعصر ثم يسلم أحدهما على الآخر . . لقد كانا يتعاهدان على هذا الدستور الإلهي، يتعاهدان على الإيمان والصلاح، ويتعاهدان على التواصي بالحق والتواصي بالصبر. ويتعاهدان على أنهما حارسان لهذا الدستور . ويتعاهدان على أنهما من هذه الأمة القائمة على هذا الدستور . .اهـ
والله أعلم.