عنوان الفتوى : ما يلزم من ترك المبيت بمنى: معذورا وغير معذور
حججت في العام الماضي , وفي يوم النحر توجهت إلى مكة لأداء طواف الإفاضة علما بأني متمتع ولم أتمكن من الرجوع إلى منى للمبيت إلا في الساعة الواحدة صباحا من اليوم التالي وذلك بسبب حركة السير المرورية المزدحمة. وجزاكم الله كل خير لجهودكم المباركة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم أن الواجب في المبيت بمنى للمتعجل والمتأخر لا يتحقق إلا إذا قضى في داخلها معظم الليل.
قال في مختصر خليل وهو مالكي: (وإن ترك جُلَّ ليلة فدم.) انتهى.
وقال النووي في المجموع وهو شافعي: (وفي قدر الواجب قولان: حكاهما صاحب التقريب والشيخ أبو محمد الجويني وإمام الحرمين ومتابعوه، أصحهما: معظم الليل).انتهى
وقال في شرح منتهى الإرادات وهو حنبلي: ولعل المراد: (لا يجب استيعاب الليلة بالمبيت، بل كمزدلفة على ما سبق). انتهى
ومعلوم أن الدفع من مزدلفة عند الحنابلة لا يجوز قبل منتصف الليل، وهكذا مدة المبيت في منى لا تتحقق إلا بقضاء معظم الليل فيها، كما ذكره صاحب شرح المنتهى.
وقد اختلف العلماء فيما يجب على من ترك المبيت بمنى معظم الليل، في أحد ليالي أيام التشريق الثلاثة:
فذهب المالكية إلى أنه يجب عليه دم، كما سبق نقله عنهم، وكذا يجب عليه دم إن ترك ليلة فأكثر.
وذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يجب عليه في كل ليلة لم يبت فيها معظم الليل مد من طعام، فإن فعل ذلك في كل أيام التشريق كان عليه دم.
والراجح -والله أعلم- هو قول الشافعية والحنابلة، قال النووي في المجموع : وإن ترك ليلتين، فعلى الأصح يجب مدان. انتهى
وهذا الحكم يجري على غير المعذور، أما المعذور، فلا شيء عليه، كمن قصد منى للمبيت بها، وتعطل به السير، فلم يصل إليها إلا في وقت متأخر، لأنه لم يتعمد التأخر، وفعل ما في وسعه، والله تعالى يقول:لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
وبناءً على ما سبق، فلا شيء عليك، لعدم تفريطك، وبَذْلك ما في وسعك. والله أعلم.