عنوان الفتوى : زنت وهي متزوجة وأنجبت مولودة ولم ينفها الزوج عنه فلمن تُنسب ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

يبدأ بقصة من قبل ٣٠ عاماً تقريباً حين كان يمر البلد في حرب وكان أبي جنديّاً في الجيش ، وفي يوم فُقِدَ أبي في الحرب ، لكنهم أخبروا أمي أنه قتل ، وبعد أشهر تعرفت أمي على رجل آخر ، وتطورت العلاقة حتى وقعا في الزنا ، فحملت أمي منه ، وأخبرته ، فأراد الرجل أن يتزوج أمي ، فاتفقا على ذلك ، وبعد أيام قبل أن يعقد عليها رجع أبي إلى البيت ورأى أمي حاملاً فأخبرته بالحقيقة كاملة ، فغضب أبي وضربها ، لكنه بعد ذلك عفا عنها ، وأراد أن ينتقم من الرجل الزاني ، ولما علم هذا برجوع أبي وما ينوي هرب واختفى , وبعد ذلك أنجبت أمي من ذلك الحمل بنتاً ، وتابت أمي ، وأنجبت أبناء أُخر ، انتهت القصة إلى هنا تقريباً ، نحن لم نكن نعلم بالقصة ولا أحد غير هؤلاء الثلاث ، لكن قبل عام قبل أن يموت أبي أخبرنا بالقصة . p/<>فالسؤال : أختي التي من الزنا تسأل : هل تبر أباها الذي لم يسأل عنها طوال تلك السنين ؟ وهل تناديه بأبي عندما تراه ؟ وهل لها أن تطالبه بالنفقة لتلك السنين ؟ علماً أننا وجدناه منذ مدة ليست بطويلة , والسؤال له شق آخر : أختي مسجلة في الأوراق الشخصية باسم أبي ، وكل الناس يظنون أنها ابنة أبي ، فهل عليها أن تخبر الناس والسلطات أنها ليست ابنة أبي ؟ ولمن تنتسب ؟ وإذا فعلت ذلك فسيكون موقفنا محرجاً جدّاً أمام الناس , أم نترك الأمر كما هو تجنباً للفضيحة ؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله.


أجمع أهل العلم على أن الزانية إذا كانت فراشًا لزوج – أي : متزوجة - وجاءت بولد ولم ينفه الزوج صاحب الفراش باللِّعان : فإنه يُنسب للزوج صاحب الفراش ، ولا يلحق بالزاني ولو استلحقه ، ولا ينسب إليه .
عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ ) رواه البخاري ( 1948 ) ومسلم ( 1457 ) .
قال ابن عبد البر - رحمه الله - : " فلما جاء الإسلام أبطل به رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمَ الزنى ، لتحريم الله إياه ، وقال : ( لِلْعَاهِرِ الحَجَرُ ) فنفى أن يُلحق في الإسلام ولد الزنى ، وأجمعت الأمة على ذلك ، نقلاً عن نبيِّها صلى الله عليه وسلم ، وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّ ولد يولد على فراشٍ لرجل : لاحقاً به على كل حال ، إلى أن ينفيه بلعانٍ ، على حكم اللعان " .
وقال : " وأجمعت الجماعة من العلماء : أن الحرَّة فراش بالعقد عليها ، مع إمكان الوطء وإمكان الحمل ، فإذا كان عقد النكاح يمكن معه الوطء والحمل : فالولد لصاحب الفراش لا ينتفي عنه أبداً بدعوى غيره ، ولا بوجه من الوجوه ، إلا باللعان " انتهى من " التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد " ( 8 / 183 ) .
وينظر في اللعان وكيفيته جواب السؤال رقم ( 178671 ) .
وقال ابن قدامة - رحمه الله -: " وأجمعوا على أنه إذا وُلد على فراشٍ فادَّعاه آخر : أنه لا يلحقه ، وإنما الخلاف فيما إذا وُلد على غير فراش " انتهى من " المغني " ( 7 / 130 ) .

وعليه : فالحمل الذي وجده والدك على والدتك بعد رجوعه من غياب ، يُنسب إليه ، ولا يُنسب لذلك الزاني ، ولو جزمتْ والدتك أنه من ماء الزاني ، إلا أن ينفيه والدك عن نسبه باللعان ، ولما لم يقع من والدك لعانُ ينفي به المولودة التي أنجبتها أمك ، فإنها ابنته تُنسب إليه ، فهي أختك بالنسب ، وهي مسألة إجماع كما رأيتَ مما نقلناه لك من كلام أئمة الإسلام .
ولا تُنسب أختك لذاك الزاني ، وليس هو أباً لها ، وإنما يترتب عليه من أحكام أنه يحرم عليه الزواج بأختك لا غير ، فليس لها أن تناديه بالأبوة ولا تجب عليه نفقتها ولا ترثه ولا يرثها ، وقد بينَّا ذلك في جواب السؤال رقم ( 85043 ) فليُنظر .

وحينئذ : فلا تغيير في أمر حياتكم وعيشكم ، بل هذه البنت أختكم ، لها كل الأحكام والحقوق الشرعية للأخت ، ولا علاقة للحكومة ، ولا للناس بما حدث ؛ فذلك أمر بين أمكم وبين الله ، ومن تاب ، تاب الله عليه .

وانظر – في المسألة – جوابي السؤالين ( 95024 ) ( 94820 ) .

والله أعلم