ليس الخبر كالمعاينة - محمد علي يوسف
مدة
قراءة المادة :
دقيقتان
.
ويظهر ذلك بوضوح في واقعة المائدة التي طلبها الحواريون من المسيح عليه السلام. لقد كان الطلب جريئًا ولقد تحرَّج منه المسيح في أول الأمر؛ فهم قد رأوا معه الآيات البينات والمعجزات الباهرات ثم يطلبون مائدة مباشرة من السماء بعد كل ما رأوه!!
{إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ اتَّقُواْ اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [المائدة:112]؛ لكنهم أصرُّوا: {قَالُواْ نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ}[المائدة:113].
فليكن إذن؛ ستأتيكم الآية التي تطلبون؛ وستُقام عليكم الحجة التي عنها تبحثون؛ ستنزل عليكم مائدة من السماء؛ ولتكن لكم آية بنزولها عليكم من السماء ولتطمئن بها قلوبكم ولترونها رأي العين.
ثم ليأتي الميثاق وليرفق معه الشرط الجزائي؛ لكن مسؤولية العلم مختلفة؛ وعقوبة من انتهكه بعد اليقين مغايرة.
فليس من رأى كمن سمع؛ وليس الخبر كالمعاينة: {قَالَ اللّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ}[المائدة:115].