عنوان الفتوى : تفسير قوله تعالى : ( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ )

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما معنى أول ثلاث آيات من سورة الطارق؟ حيث إني وجدت لها تفاسير مختلفة ومتنوعة . ( والسماء والطارق وما أدراك ما الطارق النجم الثاقب ) الطارق / 1-3 .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
قال الله تعالى في أول سورة الطارق :
( وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ )
يقسم سبحانه بالسماء والطارق ، والطارق هو النجم الثاقب ، أي : المضيء ، الذي يثقب نوره ، فيخرق السماوات فينفذ حتى يُرى في الأرض ، وهو اسم جنس يشمل سائر النجوم الثواقب .
"تفسير السعدي" (ص 919) .
قال الطبري رحمه الله في "تفسيره" (24/351) :
" أقسم ربنا بالسماء ، وبالطارق الذي يطرق ليلا من النجوم المضيئة ، ويخفى نهارًا ، وكل ما جاء ليلا فقد طرق " انتهى .
وقال قتادة وغيره : " إنما سمي النجم طارقا ؛ لأنه إنما يرى بالليل ويختفي بالنهار " .
انتهى من " تفسير ابن كثير" (8 /374) .
وقال ابن القيم رحمه الله :
" أقسم سبحانه بالسماء ونجومها المضيئة وكل منها آية من آياته الدالة على وحدانيته ، وسمى النجم طارقا لأنه يظهر بالليل بعد اختفائه بضوء الشمس ، فشبه بالطارق الذي يطرق الناس أو أهلا ليلا ، قال الفراء : ما أتاك ليلا فهو طارق ، وقال الزجاج والمبرد : لا يكون الطارق نهارا " انتهى من "التبيان في أقسام القرآن" (ص 63) .

وقال الطبري أيضا (24/352) :
" ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ ) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وما أشعرك يا محمد ما الطارق الذي أقسمتُ به ؟ ثم بين ذلك جلّ ثناؤه فقال : هو النجم الثاقب ، يعني : يتوقد ضياؤه ويتوهَّج " انتهى .

قال ابن كثير رحمه الله :
" وقوله : ( الثاقب ) قال ابن عباس : المضيء ، وقال السدي : يثقب الشياطين إذا أرسل عليها ، وقال عكرمة : هو مضيء ومحرق للشيطان " انتهى من "تفسير ابن كثير" (8 /375) .

وأما الأمر الذي أقسم الله جل جلاله بهذه الآيات الباهرة ، على أنه حاصل وكائن لا محالة ، فهو قوله تعالى بعد ذلك ( إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ) .
قال ابن كثير رحمه الله (8/375) :
" أي: كل نفس عليها من الله حافظ يحرسها من الآفات ، كما قال تعالى : ( لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ) الرعد/11 " .

وقال ابن القيم رحمه الله :
" والمقسم عليه ههنا حال النفس الإنسانية ، والاعتناء بها ، وإقامة الحفظة عليها ، وأنها لم تترك سدى ، بل قد أرصد عليها من يحفظ عليها أعمالها ويحصيها . فأقسم سبحانه أنه ما من نفس إلا عليها حافظ من الملائكة يحفظ عملها وقولها ويحصي ما تكتسب من خير أو شر " .
انتهى من "التبيان في أقسام القرآن" (ص 64) .

والله أعلم .