عنوان الفتوى : حكم الاستمناء
ما حكم الاستمناء ؟
بسم الله ، والحمد لله ،والصلاة والسلام على رسول الله ،وبعد:
الأصل في الاستمناء الحرمة ،وأباحه بعض الفقهاء عند غلبة ظن الإنسان في وقوعه في الفاحشة ،أخذًا بقاعدة أخف الضررين ،ولكن يبقى بعد ذلك على الأصل الذي هو الحرمة .
يقول الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة بسوريا :
أكثر الفقهاء وعلماء الشريعة الإسلامية قرَّروا حرمة الاستمناء باليد، وفي مقدِّمتهم الفقهاء الشافعية والمالكية.
ومستندهم الأول في ذلك قول الله عزّ وجلّ: {والَّذينَ هُم لِفُروجِهِم حافِظونَ. إلاّ عَلى أزْواجِهِم أو ما مَلَكَتْ أيْمانُهُم فَإنَّهُم غَيْرُ مَلومينَ} [المؤمنون: 23/5 ـ 6].
قالوا: فإن مقتضى هذا الحصر الذي تنطق به الآية، حرمة ممارسة المتعة الجنسية إلا بين الزوجين، وما يلحق بهما من ملك اليمين، وضمن الحدود المقررة.
غير أن الإمام أحمد أفتى به، عند الحاجة. انظر (الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: 12/105، وأحكام القرآن لأبي بكر بن العربي: 3/1298).
ولعلَّ مستنده ومستند من قال بجوازه عند الحاجة ما يروى أن ابن عباس رضي الله عنهما كان إذا سأله الشّاب عن الاستمناء يقول: نكاح الأمة خير منه، وهو خير من الزِّنا. وجاءه مرة شابّ فقال: إني أجد غُلْمةً شديدة فأدلك ذكري حتى أُنْزِلَ. فقال: هو خير من الزِّنا. أما حديث: ((ناكح اليد ملعون)) فباطل لا أصل له.
والذي يبدو لي أن الخلاف في هذه المسألة لفظي. فإن الذين قالوا بالحرمة لعلهم إنما كانوا يقصدون عموم الأحوال، أي بقطع النظر عن وجود حاجة أو ضرورة تُلْجئُ إلى ذلك. وأما الذين قالوا بالجواز فإنما قصدوا الحالات التي يقع فيها الشّاب بين اللجوء إلى هذا العمل والوقوع في الزِّنا.
ولا شكَّ أن كلا الموقفين ينبثقان من أساس ومنطلق واحد في الحكم.
وخلاصته أن الاستمناء عمل شاذّ، لا يتَّفق والفطرة الإنسانية التي جعلت من الغريزة الجنسية وظيفة ذات هدف جليل في حياة الإنسان. ومن أوضح الأدلة على أنه عمل شاذّ فعلاً وخارج عن النَّهج الوظيفي المرسوم، أن الذي يقع في أسر هذه العادة ينتابه شعور خفيّ بالتّأنيب والتّقريع والإحساس بالنقص والخروج عن اللياقة والنَّهج السّوي..
غير أن الشّاب إذا وجد نفسه متعرِّضاً لمنزلق يهوي به إلى ارتكاب الفاحشة، وأحسَّ أنه لا يجد من نفسه عاصماً عن الوقوع في تلك الوهدة، إلاّ باللجوء إلى هذا العمل الذي لا نشكُّ في شذوذه، ولكنّا لا نشكُّ أيضاً في أنه أقلُّ سوءاً وضرراً من ارتكاب الفاحشة، فإن القاعدة الفقهية التي هي محلّ اتِّفاق، تقضي بجواز اللجوء إلى هذا العمل في حدود الحاجة.. وبشروطها المعتبرة شرعاً، ومن أبرزها وأهمّها أن يبقى هذا العمل في حدود الحاجة التي تفرض نفسها، وألا يتحوَّل إلى عادة مهيمنة، وذلك هو مقتضى قاعدة: ((الضرورات تُبيح المحظورات)).
فمن أطلق القول بالتحريم إنما قصد عموم الأحوال وأساس الحكم. ومن قال بالجواز إنما لاحظ الحاجة، كما يظهر ذلك واضحاً في كلام عبد الله بن عباس. فلا خلاف بينهم في منطلق الحكم وأساسه.
غير أني أنصح الشباب الذين تراودهم أنفسهم اللجوء إلى هذا العمل، أن يتلمَّسوا العلاج في السبيل الأجدى والأكثر انسجاماً مع الفطرة، ألا وهو الابتعاد عن الأجواء السَّيئة والموبوءة، والانغماس بدلاً
عن ذلك في مجتمعات إسلامية صغيرة تملأ الوقت وتشغل الفكر وتحجز عن الشَّر. هذا إلى جانب ضرورة السَّعي إلى الزّواج بكل الوسائل والسُّبل الممكنة.
ولا يعتذرنَّ أحد منهم بالفقر وقلَّة ذات اليد، فلا معنى لهذا الاعتذار بعد قول الله عزّ وجلّ: {وأنْكِحوا الأيامَى مِنْكُم والصّالِحينَ مِنْ عِبادِكُم وإمائِكُم، إن يَكونوا فُقَراءَ، يُغْنِهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النُّور: 24/32].
على أنه لا بدَّ من تجنُّب سُبل التَّعقيد والابتعاد عن المظاهر والقيود المرهقة. وليكن أولياء الفتيات عوناً للشّباب على السَّعي في هذا الطريق.
والله هو وليُّ كلّ توفيق أولاً وآخراً، وملاذ كل ملهوف ومستجير في سائر الأحوال.
والله أعلم .
ويمكن للأخ الكريم قراءة هذه الفتاوى في نفس الموضوع:
العادة السرية وعلاجها
رأي القرضاوي في العادة السرية