عنوان الفتوى : هل ننصحه بالتزوج من زميلته في الدراسة مع وجود معوقات ؟
أنا شاب في السادسة والعشرين ، من أصل باكستاني ، ولكني مقيم في " بريطانيا " حيث أدرس لنيل شهادة الدكتوراة في " الهندسة الميكانيكية " . إني أحاول التمسك بديني قدر المستطاع ، وأحاول دعوة كل من حولي سواءً كانوا مسلمين أم غير مسلمين بمن في ذلك زملائي الذين في المعمل ، ومن ضمن هؤلاء الزملاء فتاة مسلمة تعرفت عليها منذ ثلاث سنوات وليست بذاك القدر من الالتزام ، ولا ألومها على ذلك ، فليست إلا مجرد نتاج لبيئة صاخبة يصعب معها التمسك بمبدأ أو خُلق ، إلا أني أؤمل أن اُحدث تغييراً . ومن خلال دعوتي لها بالطرق الشرعية الصحيحة اتضح لي أنها كانت ملتزمة في الماضي ، وأن حياتها تغيرت عندما انتقلت وعاشت في مكان آخر فتأثرت بتلك البيئة والرفقاء الجدد ، وأن والدها أيضاً رجل غير ملتزم وأن والدتها توفيت عندما كانت صغيرة لذا فوالدها هو من تولى تربيتها ، وقد قالت إنها تسعى جاهدة للعودة إلى ما كانت عليه من تدين والتزام ، وقالت أيضا إنها هي من يعتني بأبيها الآن ، وإنها تحاول أن تأخذ بيده إلى المسار الصحيح . وأتذكر أني سألتها في إحدى المرات ما إذا كانت تفكر بالزواج فقالت " نعم " ، ولكنها لم تجد الشخص المناسب حتى الآن ، ومن ضمن الشروط أن يكون من نفس خلفيتها الثقافية والمحلية . هذا الأمر جعلني أفكر بالزواج بها رغم اختلال شرط الخلفية الثقافية والمحلية ، ولكني أحب فقط أن أكون سبباً في عونها ومساعدتها إلى العودة إلى التمسك بدينها . في الحقيقة لم أتعرف عليها بعمق حتى يتسنى لي أخذ قرار صحيح ، فكل ما في الأمر أنها مجرد فكرة خطرت ببالي فأحببت استشارتكم ، ولم أظهر لها مطلقاً أني أسعى لأمر كهذا حتى وإن أقدمتُ عليه فلن يكون قبل أن أنتهي من دراستي . بالنظر إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم ( تُنكح المرأة لأربع لمالها ونسبها وجمالها ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك ) إذا ما أتيتُ لإنزال هذه الصفات عليها وجدت نفسي غير قادر على معرفة ذلك بالتفصيل ، فالدين - كما أشرت سابقاً - ليس بتلك الصلابة ، ولكنه هو الأمر الذي دفعني للتفكير بالزواج بها أساساً ، حتى الجمال لا أستطيع البتّ فيه لأني أتجنب النظر إلى وجهها وأحاول غض بصري باستمرار ، إذن فكيف أتوصل إلى القرار الصحيح ؟ حتى والدتي لا أظن أنها ستتفاعل مع زواج كهذا ؛ فهي تريد فتاة " باكستانية " تشاطرنا لغتنا وعاداتنا وتقاليدنا ... الخ ، فماذا لو تخطيت والدتي وخالفت رغبتها أتظنون أن الأمر من النُبل بحيث يبيح لي مثل ذلك ؟ فبماذا تشيرون عليَّ إجمالاً ؟ أرجو منكم النصح والتوجيه .
الحمد لله
الذي نراه أن هناك معوقات كثيرة أمامك حتى تقدم على الزواج من تلك الفتاة ، وأول
تلك المعوقات : عدم اقتناعك بصلاحيتها زوجةً لك ! وهذا واضح من تعابير ألفاظك وليس
شيئاً نستنتجه بصعوبة ، فهي – عندك – ليست متدينة بالقدر الكافي ، وليس بذات جمال
يلفت انتباهك إليها – وإن كنتَ تقول إنك لم تدقق النظر فيها - ، وثاني المعوقات :
رفض والدتك للزواج من خارج بيئتكم الأصلية ، وثالثها : أنك لن تتزوج الآن بل قد
يطول بك الأمر ، ولو حصل الزواج فيما بعد ، فقد يصعب عليك الرجوع بها إلى بلدك ،
إما رفضاً من أهلك أو رفضاً منها هي نفسها .
والذي يبدو لنا أنك مررت
بلحظة عاطفية مشوبة بشفقة على تلك الفتاة ، فخطر لك أنك قد تكون الزوج الذي يحفظ
لها دينها ويعيدها إلى سالف عهدها ، ولذا لم تكن جازماً برغبتك في الزواج منها ،
وقد ذكرت من المعوقات ما يجعل المشورة بالانصراف عن ذلك الزواج أقرب ، وربما كنت
تريد أن تسمع ذلك منا ، في حقيقة الأمر !!
والواقع أن هذا هو ما نميل إليه فعلا ـ الآن على الأقل ـ في ضوء ما شرحت لنا من
ملابسات ، لا سيما والتجارب المتكاثرة تشجع على اعتبار أمر وحدة البيئة والثقافة في
اختيار الزوجين ؛ فكلما كان الزوجان من بيئة ثقافية واحدة ، أو متقاربة على أقل
تقدير ، كان ذلك أدعى إلى نجاح الزواج واستمراره .
لكن إذا كنت تلمس منها صدقا في الاستقامة على أمر دينها ، وإقبالا على الطاعة ،
ورغبة فيها ، وأمكنك إقناع والدتك بقبولها ، وغلب على ظنك أن بإمكانكما تجاوز
الفروق الثقافية والبيئية بينكما : فلا مانع من التفكير الجدي في الزواج بها .
وانظر جواب السؤال رقم (
102799 ) .
ومع كل ما ذكرناه لك فلا
يفوتنا أن ننبهك إلى حرمة البقاء على علاقة بتلك الفتاة ؛ لأنها أجنبية عنك ، فلا
يحل لك محادثتها ولا مراسلتها ولا مقابلتها ، فإن تمَّ عقد الزواج الشرعي بينكما
بشروطه وأركانه حلَّ لك ذلك كله .
وقد بيَّنا حكم المراسلة والمحادثة بين الجنسين في فتاوى متعددة ، فانظر جوابي
السؤالين ( 78375
) و ( 34841 )
.
والله أعلم