عنوان الفتوى : مسائل حول تطهير الثوب المتنجس
أعرف أن لديكم عددا كبيرا من الفتاوى، ولكن أصبح لدي إشكال في مسائل النجاسة وتطهيرها وأشعر أحيانا أن لدي وسوسة، لذلك بعد الاطلاع على عدة فتاوى لديكم أرجو منكم التوضيح في الأسئلة التالية مع التوضيح حتى لا أعيد الاستفسار عن بعضها : الذي أعرفه عن غسل النجاسة التالي: 1- أن الماء يجب أن يجري على النجاسة في الملابس كي يطهرها. 2- غسل ثوب مثلا متنجس في وعاء به ماء حتى وإن زالت عين النجاسة تبقى الثياب نجسة لأن الماء أصبح نجسا، ومثل ذلك الغسالة العادية التي تغسل من دون تغيير الماء بها. 3- أن غسل النجاسة من دون نزول الماء من الثوب (أي مجرد فرك النجاسة بالماء من دون جريانه عليها ولو زالت عين النجاسة) يبقى نجسا.وعند الإجابة عن الفتوى رقم 4122 والتي تقول: "الثياب المتنجسة تطهر بغسلها بالماء إذا أزيلت عين النجاسة وذهب ريحها وطعمها، وسواء أغسلت غسلاً عادياً أم في المغسلة الأتوماتيكية . فما دامت تغسل بماء طاهر ولا يبقى للنجاسة أثر فإن الثياب تطهر بذلك ولله الحمد " انتهى.لذلك أرجو الإجابة على الملاحظات التالية:أولا: كيف ذلك والغسالة العادية لا تغير الماء ( حسب النقطة 2 سابقا)؟! ثانيا- هل الغسل بواسطة الغسالة الأتوماتيكية يطهر النجاسة؟ مع العلم أن الغسالة الأتوماتيكية تغسل على ثلاث مراحل القليل من الماء مع الصابون، ثم العصر ثم مرة ثانية أخذ الماء ثم العصر، ومرة ثالثة تأخذ الماء ثم العصر. هل بهذه الحالة تطهر الثياب النجسة؟ لو قلت لي نعم، أقول لك إن الملابس لم يجر عليها الماء فعليا وإنما تأخذ الماء وتحركه ثم تطرده أي أن الماء يخالط النجاسة كل مرة. فهل تزول بذلك أم إن التكرار كاف للتطهير؟ أنا لا أقصد تعمد وضع شيء نجس في الغسالة، ولا شك أن غسله لوحدة خارج الغسالة أفضل لكن مثلا لاحظت أن ابن أخي وصلت النجاسة إلى ثيابه الخارجية، وقام أخي بغسلها عندنا في البيت. وسبب آخر أنني أستخدم منتجات مزيل البقع عن أكمام وياقات القميص والتي نستخدمها كثيرا وبصراحة يحتوي هذا المنتج على الكحول، ولكن لا أعرف نوع هذا الكحول بالضبط. وسبب آخر هو أن المحلات المتخصصة بغسيل الملابس تغسل لكل الناس فلا يعرف ما حال ملابسهم هل هي طاهرة أم نجسة خصوصا أن غالبية الناس يستخدمون العطور الكحولية لذلك من الأهمية معرفة حال الملابس بعد غسلها بواسطة الغسالة الأتوماتيكية؟ ثالثا: هل غمر قطعة الملابس المتنجسة في الماء مرة واحدة ثم عصرها تذهب النجاسة أم أن هناك عدد يجب تكراره وما حال الماء في الإناء بعد ذلك. رابعا- في إحدى الفتاوى قلتم في إجابة على أنه عندما تكون قطعة من الملابس بعض أجزائها تكون سميكة أي أكثر من طبقة فيكفي أن يصل الماء إلى هذه الأجزاء فقط. كيف ذلك ولم يجر عليها الماء؟خامسا: في إحدى الفتاوى ولا أذكر رقمها تقولون إن الغسل الجيد يذهب النجاسة. ما معنى الغسل الجيد؟سادسا: أنا أشعر أن النجاسة قد تكون انتشرت إن لم يجر عليها الماء بكثرة. كيف يضمن المسلم زوال النجاسة من دون تكثير لها؟سابعا: عند معرفة أن الماء المنفصل من غسل النجاسة يكون على عدة أحكام كما في الفتوى 121624 كيف يعرف الشخص ما حال الماء المنفصل هل من طريقة لذلك. وهل بقاء أثر لون النجاسة والذي لا يذهب إلا بالصابون دليل على أن الماء المنفصل نجس مع ذهاب عين النجاسة.ثامنا: غسل نجاسة البول يكون فيه غسلة واحدة ما معنى غسلة واحدة؟هل معنى ذلك أنه يكفي الرش مع العصر أم يكفي الصب من دون الفرك ولو كان البول جافا مثلا. تاسعا: قطعة ملابس أصابتها نجاسة في أكثر من مكان ومثل ذلك ملابس الأطفال المتنجسة ولا شك أن الحل هو غسلها كلها. فهل صب الماء عليها وهي في حوض الاستحمام مثلا يذهب النجاسة ولو كان البول جافا مثلا من دون تقليب لها وهل يجب صب الماء على كل أجزائها بكثرة؟وشكرا لكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيظهر أن الوسواس قد بلغ منك مبلغا، والذي نرى لك تخلصا من هذه الوساوس أن تأخذ في المياه بقول مالك رحمه الله واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو أن الماء لا ينجس إلا بالتغير سواء ورد على النجاسة أو وردت عليه، وأما على قول الجمهور فإنه لو وضعت الثياب المتنجسة في الغسالة العادية تنجس بذلك الماء لكونه ماء قليلا وردت عليه نجاسة، وأما الغسالة الأوتوماتيكية فإن الغسل فيها يطهر الثياب إذا زالت عين النجاسة، ويكفي مجرد جريان الماء على الموضع المتنجس إذا كانت النجاسة حكمية ولا يحكم بنجاسة ماء الغسالة لأن الماء في هذه الحال هو الوارد على النجاسة، ومن ثم فالثياب المغسولة في الغسالة الأوتوماتيكية التي تقوم بتغيير الماء بحيث يرد الماء على الموضع المتنجس أكثر من مرة تطهر بذلك على فرض كونها متنجسة، كما أن الأصل فيما شك في تنجسه الطهارة فتنبه ولا تسترسل مع الوساوس. وأما غمر الثوب المتنجس في الماء فلا يكفي في تطهيره بل ينجس به الماء على القول بأن الماء القليل ينجس بملاقاة النجاسة، وأما إذا وضع الثوب في الإناء ثم صب عليه الماء كفى ذلك في تطهيره إذا زالت عين النجاسة أو كانت النجاسة حكمية، وأما إذا لم تزل عين النجاسة فلا بد من غسلها حتى تزول. وأما الاكتفاء في طهارة باطن الثوب بوصول الماء إلى حيث وصلت النجاسة فلأنه هو المقدور عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ودين الله يسر لا حرج فيه والحمد لله، وأما الغسل الجيد فهو الذي تذهب به عين النجاسة إن كان لها لون أو ريح أو طعم، وهو غمر النجاسة بالماء وجريانه عليها إن كانت النجاسة حكمية، ولا يشترط العصر على الراجح، وأما شعورك بأن جريان الماء على النجاسة لا يطهرها فهو من جملة الوساوس التي عليك أن تجاهدها ولا تلتفت إليها، وأما الماء المنفصل فهو إن انفصل عن النجاسة قبل تطهيرها والحكم بزوالها فهو نجس وهذا واضح، والقول الثاني الذي هو أرفق بك أن ينظر إلى صفة الماء المنفصل، فإن كان أحد أوصافه متغيرا فهو نجس وإلا فهو طاهر، وانظر الفتوى رقم: 170699 ، وأما لون النجاسة الذي تعسر إزالته فإنه يعفى عنه كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 173045 ، وكل هذا يدلك على أن دين الله يسر وأن التنطع لا يفضي إلا إلى الشر، وأما نجاسة البول فإنه يكفي في تطهيرها جريان الماء على الموضع المتنجس، ولا يشترط العصر ولا الفرك على الراجح، ولا يشترط عدد معين للغسل كذلك على الراجح، ووضع الثياب المتنجسة في حوض وصب الماء عليها يكفي في تطهيرها إذا علم أو غلب على الظن جريان الماء على الموضع المتنجس.
والله أعلم.