عنوان الفتوى : الفرق بين الوساطة للتوظيف في جهة خاصة أو حكومية
ذكرتم بارك الله فيكم في الفتوى رقم: 2343750، أن الوساطة من أجل التوظيف جائزة إذا كان الشخص الذي يُراد له أن يتقلد الوظيفة من أهل الكفاءة ويستطيع أن يقوم بها، وذكرتم في فتاوى أخرى بتصرف يسير مني أن حكم الواسطة والشفاعة من أجل التوظيف ينقسم إلى قسمين: إما أن تكون في القطاع العام الحكومي أو في القطاع الخاص، فإن كانت في القطاع العام فإنه لا تجوز فيها الوساطة إذا كان فيها توظيف من ليس مستحقاً أو أهلاً لها، أو تقديم الأدنى على الأعلى منه كفاءة، وهذا إذا كان التوظيف مبنيا على وجه المسابقة كما هو حال الوظائف الحكومية اليوم, ولأنها مبنية على الأصلح، والكفاءة المعتبرة للعمل هي الكفاءة الذاتية وليست الدرجة التي في شهادته، فلو علمت كفاءة شخص وكونه أجدر من غيره فإنه يقدم ولو كان هناك من يحمل شهادة أعلى منه أو أكثر درجة، والسبب في ذلك أن في هذه الوظائف حقوقا عامة لجميع المسلمين، والمطلوب من المتصرف فيها أن يتصرف بالأصلح، وأما إذا كانت في القطاع الخاص فإنه تجوز فيها الشفاعة لمن هو أهل لها ولو كان دون غيره من المتقدمين بشرط أن لا يكون في ذلك غش لصاحب العمل، بل يعرف مستوى المتقدم، وحينئذ لو قبل توظيفه واستبعد من هو أجدر منه فالأمر راجع إليه ـ لا أدري هل تقصدون صاحب العمل أم الموظف صاحب الشفاعة ـ فلا يلزمه توظيف شخص بعينه، وهذا إذا لم يطرح صاحب المؤسسة والشركة الخاصة طلب التوظيف على سبيل المسابقة، بل على سبيل الكفاءة فقط ويكفي في ذلك أن يكون الإذن بالتلميح والسكوت دون التصريح، و
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تضمن سؤالك ثلاثة أمور:
أولها عن الفتويين المشار إليهما هل بينهما تعارض أم لا؟ والجواب أنه لا تعارض، لأن الأولى فيها إجمال لضابط الشفاعة للحصول على وظيفة بناء على سؤال السائل عن حكم ذلك، كما في الفتوى رقم: 34837.
وأما الفتوى الثانية رقم: 97529، ففيها تفصيل وتفريق بين المؤسسات الخاصة التي يكون فيها الحق لصاحبها ومالكها فيعين من يختار ولو كان أقل كفاءة من غيره، وتجوز الوساطة في ذلك وبين ما إذا كانت المؤسسة أو جهة العمل عامة فيكون الحق فيها للجميع ولا يجوز تقديم شخص أقل كفاءة على من هو أكثر منه كفاءة وخبرة ولا يجوز التوسط في ذلك، لكن لو لم تكن مسابقة وسعى شافع لمن يعلم مؤهلاته وقدراته لشغل وظيفة يتقنها فلا حرج في ذلك ولا يلزمه الانتظار حتى تجرى مسابقة ليعلم هل هنالك من هو أكثر منه كفاءة وعلى كل، فلا تعارض بين الفتويين وكل واحدة منهما تطابق السؤال الذي كانت جوابا عنه.
والأمر الثاني مما تضمنه سؤالك عما ذكر في الكتاب من أنواع الشفاعات الحسنة في الوقت الحاضر وضرب أمثلة منها الشفاعة للتعيين في وظيفة أو القبول في دراسة ونحوه وهو صحيح، لكنه مجمل فالشفاعة للتعيين في وظيفة مثلا لها ضوابط بيناها في الفتويين السابقتين وهكذا.
وأما الأمر الثالث: وهو حول بعض ما ذكر في الكتاب عن مسألة عدم لزوم العدل بين المشفوع فيهم من قبل الشافع أو المشفوع إليه فالظاهر أن ما ذكره الباحث صحيح.
والله أعلم.