عنوان الفتوى : يترك بعض الصلوات ويقدح في مريم وينكر التعدد فهل ينفسخ النكاح ؟
هل يجب علي فسخ العقد ، ولو كان يجب كيف يتم هذا ؟ شخص اعتنق الإسلام تقدم لي ، ولقد بينت له أني متدينة وأرغب في الزواج من رجل مثلي يشابهني ، فأخبرني أنه يصلي الصلوات الخمس ، وبعد وقت أدركت أنه لا يهتم بأمر العلم الشرعي ، فأخبرته أننا لسنا مناسبين لبعضنا ، فأصر على إخباري أنه سوف يفعل كل ما في وسعه ، ولكن هو ليس عنده كثير وقت ، ولكن حين نكون سوياً سيكون الأمر أيسر ، فأعطيته الفرصة وبعد فترة بسيطة تزوجنا ، وقريباً أن أدركت أنه لا يصلي كل الصلوات ، أنا لا أدري كم يصلي فلست معه طيلة الوقت فهو يخرج كثيراً . وعدم اهتمامه بتعلم أمور دينه كانت المشكلة الرئيسية بيننا ، بذلت ما في وسعي لأجعله يهتم بتعلم شئون دينه ولكنه لم يفعل ، أنا حقاً شعرت بالخديعة ، لأنه لما كان شخصاً ليس مهتماً بشئون الإسلام ، وهذا المستوى الضحل من التدين ، كان عليه أن يفكر فيمن هي مثله وتناسبه . اليوم الثاني بعد الزواج ، قال لي بأنه كان يجب عليه أن يخبرني أنه كان يعيش مع عشيقة له لمدة خمسة عشر سنة والتي أنجب منها طفلين ، وكان قد أخبرني مسبقاً أنه كان عرض الزواج على امرأة مسلمة تزوجها فيما بعد وطلقها ، وهذا أثناء علاقته بتلك الفتاة التي استمرت لخمسة عشر سنة ، لم أعط تلك القضية كثير اهتمام لأنه لم يكن مسلماً في هذا الوقت . في اليوم الثاني من الزواج اعترف لي أنه كذب علي بشأن تلك العلاقة التي استمرت لخمسة عشر عاماً ، بل كان بالفعل متزوجا وحين سألته لماذا كذبت علي قال خشية أن ترفضي عرض الزواج مني !! و لأنه لم يظهر أي نوع من الاهتمام والتقدم منذ أن تزوجته ، وكذلك من أجل تلك الأكاذيب والخداع ، كان من الصعب علي التصديق بأنه مسلم حقيقي أم مدع للإسلام ، هل هو يشرب الخمر ، هل هو يأكل الخنزير هل يفعل ذلك من ورائي أم لا ؟ هو يقول بأنه لا يعتقد بأن مريم جاءت بالمسيح من غير زواج ، ويختار بأن ينكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان متزوجا من عائشة و أن هناك خطأ في مسألة عمرها ، و يقول كذلك بأنه لا يوافق على مسألة التعدد ، ويسأل أسئلة ضد الإسلام تماماً ، وحين أحاول أنا أو أي شخص آخر بيان الأمر له لا يسمع . مؤخراً ، صارت أختي زوجة ثانية . فتحدث عن اشمئزازه من الموضوع ، وقال لو كان حدث هذا منذ ألف وأربعمائة سنة كان مقبولا ولكن الآن لا يقبل ، وقال بأن التعدد هو نفس مستوى الشذوذ الجنسي ، والاعتداء الجنسي على الأطفال ، وقال بأن " عدم قبولي للتعدد يجعلني غير مسلم ثم يجب علي التعزير " ودخل في جدال شديد مع ولدي من زواج سابق لي وهدده بالضرب والشجار ، هل كان يجب علي التدخل ؟ شعرت بعد ذلك أنني وهو لن نكون منسجمين مع بعضنا بعد مرور تلك الأمور ، وأنه يجب علينا ألا نستمر ، وفيما بعد طلبت منه الطلاق . غادر ، وتواصلنا لمدة أكثر من أسبوع وهددني بأنه سوف يشل ولدي ، و كان هذا خطئي لأني كنت أريده أن يشاهد فيديو عن تعدد الزوجات واحترام هذا الأمر ، فبدأ بإهانتي بقوله إنه كان يجمع معلومات عني وعن عائلتي وعن كل من ارتبط بي ، وإنه سوف يستخدم ذلك ضدنا إذا لم توافق عائلتي على شروطه ، ومنها : أن أدفع له أربعة ألاف دولار ، وقال إن الباقي بعد أن وكان يجب علي أن ألتزم بهذا لأعيش في سلام . فقلت له إذا لم تتوقف عن تهديدي فسوف أبحث عن شتى الطرق القانونية لدفعه بها ، فتوقف واعتذر ، وقال : أنه لم يكن يقصد أي شيء مما قاله ، مع أنه بعد زواجي منه كان يخبرني عن إهاناته وتهديداته لزوجته المسلمة السابقة بعد أن تركته ، وكانت حجته أنها لم يكن ينبغي عليها أن تتركه ، لأنه كان قد أرسل لأخيها رسالة يصف فيها ما يحدث في علاقتهم الجنسية وهددها بالحكومة ، مما جعلها تغادر البلد .
الحمد لله
أولا :
إذا كان زوجك يترك بعض الصلوات ، وتحققت من ذلك ، أو كان يتهم مريم عليها السلام
بالزنا ، أو ينكر مشروعية التعدد ، فالواجب أن تمتنعي منه ، ولا تمكنيه من نفسك حتى
يتوب ويصلي ويرجع عن مقالته في مريم ، فإن أصر على باطله حتى انقضت عدتك ، فقد
انفسخ النكاح الذي بينكما .
وذلك أن من ترك صلاة متعمدا حتى خرج وقتها ، فهو كافر ، في قول جمع من أهل العلم ،
وهو المروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، وبه تفتي اللجنة الدائمة ،
والشيخ ابن باز رحمه الله ، وانظري السؤال رقم (83165) .
واتهام مريم عليها السلام بالزنا : كفر وردة عن الإسلام ؛ لأنه تكذيب للقرآن الذي
برأها من ذلك
بل لو لم يتهمها بالزنا صراحة ، وادعى أنها تزوجت وولدت عيسى ابنها من زوج آخر ،
وأن له أبا كسائر البشر ، فهو كافر مكذب بخبر القرآن والسنة عن خلق عيسى ، وما أجمع
عليه أهل الإسلام في شأنه .
وكذلك إنكار التعدد تكذيب للقرآن الكريم والسنة المتواترة .
وإذا صدر الكفر من الزوج ، لزم الزوجة الامتناع منه حتى يتوب ، فإن لم يرجع إلى
الإسلام حتى انقضت عدتها ، فقد انفسخ نكاحها ، وعليها أن تخلص منه بكل طريق ممكن ،
بالطلاق ، أو بالخلع ، أو بمراجعة المركز الإسلامي ، أو المحكمة ولو كانت وضعية ؛
لأنه لا يحل لمسلمة أن تكون تحت كافر .
فحيث انقضت العدة مع إصراره على ما هو كفر ، فقد انفسخ النكاح شرعا ، وجاز لها أن
تتزوج من غيره ، لكنها تحتاج إلى التخلص منه عبر الطرق الرسمية حتى لا يتمكن من
تهديدها أو مضايقتها .
وانظري السؤال رقم (126523) .
وننبه إلى أن الزوج حديث العهد بالإسلام : لا يحكم بكفره وإن صدر منه ما ذكرت ،
حتى تقام عليه الحجة ، وتفنّد له الشبهة ، وذلك عن طريق من يحسن إقامتها من أهل
العلم والدين ، فيستمعون إليه ، ويزيلون شبهته ، فإن رجع فالحمد لله ، وإن أبى ،
كان كافرا ، وترتب عليه ما ذكرنا من وجوب امتناع زوجته منه ، وانفساخ نكاحه إذا
انقضت العدة قبل توبته .
ثانيا :
تزوج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها وهي بنت ست سنين ، أي عقد
عليها وهي كذلك ، ودخل بها وهي بنت تسع سنين . وهذا ثابت في الصحيحين وغيرهما من
دواوين السنة . فقد روى البخاري (5133) ومسلم (1422) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَزَوَّجَهَا وَهِيَ
بِنْتُ سِتِّ سِنِينَ وَأُدْخِلَتْ عَلَيْهِ وَهِيَ بِنْتُ تِسْعٍ وَمَكَثَتْ
عِنْدَهُ تِسْعًا .
وليس في ذلك ما يستغرب ، فإن كثيرا من النساء في الجزيرة العربية يبلغن في سن
التاسعة ، ويصلحن للزواج حينئذ ، وكان هذا شائعا منتشرا في ذلك الزمن .
ثالثا :
أما ما ذكرت من الكذب والخداع والتهديد ، فهذا ينظر فيه إلى حال الشخص ؛ فإن كان
يرجى من مثله أن يعالج بالصبر والحكمة ، إذا تاب من الأمور المكفّرة ، فاجتهدي معه
في ذلك ، واستعيني عليه بالرفقة الصالحة .
وإن كان قد بدا لك أن ذلك طبع راسخ عنده ، وأن المكر والخيانة قد صار أمرا من سجيته
، وأنه غير جاد في جهاد نفسه على ذلك ، وعلاجها من شره : فمثل هذا لا يؤمن جانبه ،
ولا يرجى من عشرته الخير ، ولو تاب من كفره ، ولو كان مسلما أصليا .
نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .