عنوان الفتوى : النظرة الشرعية لمن عاهدت زوجها أن لا تتزوج بعد موته
كان معقود قراني ( لم ندخل ) على شخص متدين وذي خلق رفيع، وحين كنا نتحدث ذات مرة قال لي احلفي لي أنني إذا مت لن تتزوجي من بعدي ولشدة إلحاحه وشدة حبي له حلفت بأنني سأخسر دنياي وديني إذا تزوجت من بعده , ولقد توفي - رحمه الله - في حادث قبل أن يدخل بي والآن لقد مر 3 سنوات تقدم لي الكثير لكني خائفة من قسمي .فماذا أفعل ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلقد أخطأ زوجك -رحمه الله- بأن طلب منك أن لا تتزوجي من بعده، إذا مات، فهو بهذا طلب ما لا حق له طلبه، أخرج الطبراني بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم، خطب أم مُبّشر بنت البراء بن معرور، فقالت: إني شرطت لزوجي أن لا أتزوج بعده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن هذا لا يصلح.
يقول العلماء: لو شرط أحد الزوجين على الآخر أن لا يتزوج بعده فالشرط باطل في القياس، ووجهه أنه ليس في ذلك غرض صحيح بخلاف حال الحياة الإنصاف- كتاب النكاح.
وأخطأت أنت من جهات:
الأولى: حلفك بأن تخسري دينك ودنياك، وهذا النوع من الحلف لا يجوز. أخرج النسائي وصححه من حديث بريدة عن أبيه يرفعه: من قال: إني بريء من الإسلام! فإن كان كاذباً فهو كما قال، وإن كان صادقاً لم يعد إلى الإسلام سالماً.
الثانية: حلفك على الامتناع عن الزواج بلا مسوغ شرعي وهذا لا يجوز، وكان عليك الحنث في هذا اليمين وقبول من تقدم لخطبتك من أهل الصلاح، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
على أن هذا اللفظ الذي حلفت به ليس يميناً ولا تلزمك فيه كفارة في الأصح من أقوال العلماء.
الثالثة: أنه مرَّ عليك ثلاث سنوات وأنت ترفضين من تقدم لك، وأنت بهذا تخالفين أمر الله الذي دعا إلى الزواج فقال تعالى:وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ [النور:32]، وتخالفين أمر رسوله صلى الله عليه وسلم: إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض. رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الجامع.
والخلاصة أنه لا يلزمك ما عاهدت عليه زوجك من عدم الزواج بعده، وليست عليك كفارة إذا تزوجت.
والله أعلم.