عنوان الفتوى : حكم الانتماء لليبرالية والتصويت لهم في الانتخابات
1- أنا شاب مسلم أنتمي سياسيا للتيار الليبرالي لقناعتي بمبادئه و أفكاره. و التي قد يفاجأ البعض أنها لا تخالف الدين بالصورة التي يصورها البعض. حيث إن الليبرالية تتغير من مجتمع لآخر حسب ثقافته و عاداته و أخلاقياته، فالليبرالية المصرية تختلف عن الليبرالية الفرنسية مثلا، و قد سئمت من شرح ذلك مرارا و تكرار و لكني أجد بعض الأصدقاء و الزملاء يتهمونني بالكفر. فهل الليبرالي كافر ؟؟2- الشيء الثاني البعض يقول و منهم مشايخ للمساجد إن التصويت لليبرالي أو الاشتراكي في الانتخابات إثم و فجور و التصويت للإسلاميين له أجر و ثواب. فهل هذا صحيح من منظور الدين ؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما يشكر للأخ السائل الكريم ـ وفَّقه الله ـ حرصه على الاستفسار والتحري لمعرفة الصواب. وإن كنا نختلف معه في الوجهة. ومما نختلف معه فيه: ما أشار إليه بقوله: (قد يفاجأ البعض أن الليبرالية لا تخالف الدين ... ـ إلى أن قال ـ قد سئمت من شرح ذلك مرارا ... ).
فهذا قد يُقبل على فهم السائل لليبرالية، وأما معناها عند أهلها فأبعد من هذا، ويكفي أن نشير إلى أن مبناها على فصل الدين عن الدولة، وقد سبق أن بينا تناقض الليبرالية مع الإسلام في الفتويين: 158261، 51488 وما أحيل عليه فيهما.
وأما التهمة بالكفر، فلا بد من التفريق بين الليبرالية والليبراليين، فالليبرالية على حقيقتها فيها مبادئ كفرية، كتنحية الشريعة وإثبات الحاكمية لغير الله، وفيها إبعاد للدين عن حيز التأثير الاجتماعي. ولكن الحكم على كل من نسب نفسه لليبرالية يحتاج إلى تفصيل في معنى الليبرالية عنده، واحتوائها على مبادئ كفرية أو عدمه، ثم يحتاج بعد ذلك إلى إقامة الحجة، لتتوفر شروط التكفير وتنتفي موانعه. وراجع للفائدة الفتوى رقم: 130054.
والذي يعنينا الآن هو التنبيه على خطأ الفكر الليبرالي وأن ما فيه مما قد يكون حسنا قد توفر في الإسلام ما هو مثله أو أفضل منه، وراجع للأهمية الفتوى رقم: 154193.
وأما مسألة التصويت لصالح الليبرالي أو الاشتراكي أو الإسلامي، من حيث الإثم أو الأجر، فهذا معناه السؤال عما يحبه الله ويرضاه، أو يبغضه ويسخطه. والجواب على ذلك واضح، فمن كان من هؤلاء عاملا بطاعة الله، داعيا إلى سبيله، مريدا لشريعته، ساعيا في نصرة دينه ورفع كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .. مع أمانته وكفاءته ـ فالأجر والثواب في التصويت له ومؤازرته. ومن كان من هؤلاء عاملا بمعصية الله، محادا لكتابه وسنة نبيه، مبغضا لشريعته أو متنقصا لها، بدعوى أنها لا تتناسب مع العصر، أو أنها لا تفي بحاجات البشر الآن، فالإثم والفجر في التصويت له ومؤازرته. وراجع للفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 46442، 164595، 163601.
والله أعلم.