عنوان الفتوى : أقوال العلماء في إقامة أكثر من جماعة في المسجد
ما هو حكم الإسلام في إقامة جماعتين للصلاة في مسجد واحد؟ مع العلم بأنه يفصل بينهما جدار وأن هناك جماعة أقيمت قبل أخرى؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فلا بأس بالصلاة جماعة مرة ثانية في مسجد قد صلي فيه، ودليل ذلك حديث الرجل الذي جاء إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد صلوا، فلما همَّ بالصلاة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من يتصدق على هذا فيصلي معه؟ فقام رجل من القوم فصلى معه. وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذان جماعة والحديث رواه أحمد و أبو داود من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه وقال: ابن مفلح في المقنع: وإسناده جيد، وحسنه الترمذي. ويشهد لذلك الأثر الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه تعليقاً حيث قال:"وجاء أنس بن مالك رضي الله عنه في نفر من أصحابه إلى مسجد قد صلي فيه، فأذن وأقام وصلى جماعة". وعن حماد بن سلمة عن عثمان البتي قال: دخلت مع الحسن البصري وثابت البناني مسجداً قد صلى فيه أهله، فأذن ثابت وأقام، وتقدم الحسن فصلى بنا، فقلت: يا أبا سعيد، أما يكره هذا؟ قال: وما بأسه؟! وهذا هو مذهب أحمد رحمه الله، وبه قال ابن مسعود. رضي الله عنه
والأفضل إذا جاءت جماعة متأخرة أن يفعلوا مثلما فعل أنس بن مالك رضي الله عنه وأصحابه، وكما فعل الحسن وصاحباه من الأذان والإقامة، فإن اكتفوا بأذان أهل المسجد وإقامتهم فلا بأس. قال الإمام أحمد رحمه الله: الأذان والإقامة لكل من صلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ممن شهدها وممن جاء بعدها" انتهى.
ولكن ينبغي أن يقيد جواز صلاة الجماعتين في المسجد الواحد بما إذا كانت الجماعة الثانية تخلفت عن الصلاة الأولى لعذر معتبر شرعاً. وإلا فإن فتح هذا الباب يؤدي إلى إبطال الحكمة من الجماعة، وتشويش صورة الجماعة، بالإضافة إلى أنه قد يبرر به بعض الكسلاء التخلف عن صلاة الجماعة، إلى غير ذلك مما لا يهدف إليه الشرع ولا يقره.
هذا بالنسبة لصلاة جماعتين في مسجد واحد، أما صلاة جماعتين في مسجدين فلا حرج فيه إذا كان ذلك لكثرة المصلين أولتباعد المساجد، أولمصلحة أخرى.
والله أعلم.