عنوان الفتوى : صلة أو قطيعة القريب الذي يكفر بالله تحدده المصلحة الشرعية
أخي الكبير كثير الكفر بالله جل جلاله، وكلما نزوره ويرانا يكثر من الكفر لإغاظتنا، وهو يصلي، حتى على سبيل المزاح يتكلم بكلام قد يغضب ربي، وأبقى أنا أستغفر ربي وأحيانا أرده، وأحيانا أسكت خصوصا وأولاده كبار أعظه دون فائدة؟ ماذا أفعل ؟ إن امتنعت عن زيارته أخشى أن أكون من قاطعي الرحم إن استمررت في زيارته أسمع ما يغضب ربي؟ ماذا أفعل؟ وشكرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أمر الشرع بصلة الرحم ونهى عن قطعها، ولم يمنع من صلة القريب الفاسق أو الكافر، كما بيناه في الفتوى رقم : 66144
لكن إن كان أخوك يأتي بأفعال وأقوال الكفر فلا يجوز لكم الجلوس معه على تلك الحال ، قال تعالى : وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ. [النساء : 140]
قال القرطبي : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي إذا ظهر منهم منكر ؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، ....... فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر سواء ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية. الجامع لأحكام القرآن.
واعلم أنّ الشرع لم يحدد لصلة الرحم أسلوباً معيناً أو قدراً محدداً، وإنما المرجع في ذلك إلى العرف واختلاف الظروف، فتحصل الصلة بالزيارة والاتصال والمراسلة والسلام وكل ما يعده العرف صلة، و من أعظم أنواع الصلة لأخيكم والإحسان إليه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، ودعوته للتوبة والرجوع إلى الله ، فإذا لم يتب إلى الله ، فلا حرج عليكم في مقاطعته وهجره ، بل يجب عليكم ذلك إذا تعيّن ذلك طريقا لاستصلاحه، وانظر الفتوى رقم : 14139
والله أعلم.