عنوان الفتوى : أقوال الأئمة الأربعة في الأذان يوم الجمعة
مسألة الأذان يوم الجمعة أريد تحليلا كاملا للمذاهب الأربعة مع آراء بقية العلماء.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن مرادك السؤال عن مشروعية الأذان الأول في يوم الجمعة، وإلا فصفة الأذان يوم الجمعة لا تختلف عن غيره من الأيام، فإن كان هذا هو مقصودك فاعلم أن أكثر العلماء استحبوا موافقة فعل عثمان ـ رضي الله عنه ـ بجعل أذان أول للجمعة بل علق الحنفية وجوب السعي وترك البيع به، ففي الدر المختار من كتبهم: وَوَجَبَ سَعْيٌ إلَيْهَا وَتَرْكُ الْبَيْعِ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الرَّسُولِ، بَلْ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ، وَيُؤَذِّنُ ثَانِيًا بَيْنَ يَدَيْهِ أَيْ الْخَطِيبِ. انتهى مختصرا.
وكذا نص المالكية على مشروعية أذانين للجمعة، ففي إرشاد السالك من كتب المالكية: وَلَهَا أَذَانَانِ: الأَوَّلُ عَلَى الْمَنَارَةِ وَالآخَرُ بَيْنَ يَدَيِ الإِمَامِ إِذَا جَلَسَ عَلَى الْمنْبَرِ، فَإِذَا فَرَغَ أَخَذَ فِي الْخُطْبَةِ. انتهى.
ونص الحنابلة كذلك على استحباب الأذان الأول للجمعة، قال ابن أبي عمر في الشرح الكبير: قال السائب بن يزيد كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر ـ رضي الله عنهما ـ فلما كان زمن عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء رواه البخاري، فهذا النداء الأوسط هو الذي يتعلق به وجوب السعي وتحريم البيع، لقوله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ـ وهذا النداء الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزول الآية فتعلقت الأحكام به، والنداء الأول مستحب في أول الوقت، سنة عثمان ـ رضي الله عنه ـ وعملت به الأمة بعده وهو للإعلام بالوقت، والثاني للإعلام بالخطبة والثالث للإعلام بقيام الصلاة، وذكر ابن عقيل أن الأذان الذي يوجب السعي ويحرم البيع هو الأذان الأول على المنارة والصحيح الأول. انتهى.
وأما الشافعي ـ رحمه الله ـ فقد نص على أن الأولى عنده هو أذان واحد للجمعة على ما كان عليه الحال زمن النبي صلى الله عليه وسلم، قال صاحب البيان من الشافعية: قال المحاملي: قال الشافعي: وأحب أن يؤذن للجمعة أذانًا واحدًا عند المنبر، لما روى السائب بن يزيد قال: كان الأذان على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر إذا جلس الإمام على المنبر أذانًا واحدًا، فلما كان في زمن عثمان، وكثر الناس أمر بالأذان الثاني، فأذن به، فكان يؤذن به على الزوراء لأهل السوق والناس ـ قال الشافعي رَحِمَهُ اللَّهُ: وأحب ما كان يفعل على عهد رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأبي بكر وعمر، ويستحب أن يكون المؤذن واحدًا، لأنه لم يكن يؤذن يوم الجمعة للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بلال. انتهى.
فإذا عرفت أقوال العلماء ومذاهبهم في هذه المسألة فاعلم أن الأمر بحمد الله واسع، فمن أذن أذانا واحدا فقد أحسن ومن أذن أذانين فقد أحسن واتبع سنة أمير المؤمنين عثمان ـ رضي الله عنه ـ وهو من الأئمة الراشدين المهديين الذين أمرنا باتباع سنتهم، وراجع الفتوى رقم: 18313.
والله أعلم.