عنوان الفتوى : هل يشرع للحاكم فرض الحجاب على غير المحجبات
لقد صرح أحد مرشحي الرئاسة بمصر أنه في حالة فوزه بمنصب الرئيس فسيقوم بفرض الحجاب على المسلمات غير المحجبات، فهل جائز أن يقوم بفرض الحجاب عليهن، وهل جائز أن يقوم الحاكم بفرض الفرائض على الناس بالقوة؟ أرجو الإجابة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يوفق قادة الأمة لإقامة شرع الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا واجب شرعي يلزمهم القيام به، كما قال الله عز وجل: والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم. {التوبة:71}.
وقال عز وجل: ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور{ الحج:41}.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، الإمام راع ومسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته. الحديث رواه البخاري.
وأما عن القيام بفرض الحجاب على المسلمات غير المحجبات، فإن أريد به تغطية الرأس والرقبة والساقين فمن واجب من ولي أمر المسلمين أن يحمل الناس عليه بالطرق الحكيمة التي لا تؤدي إلى مفسدة أعظم، لأن الحجاب بهذا المعنى واجب متفق عليه، كما قال ابن حزم: اتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة، واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما أعورة هي أم لا؟.
وجاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على وجوب حجب عورة المرأة والرجل البالغين بسترها عن نظر الغير الذي لا يحل له النظر إليها، وعورة المرأة التي يجب عليها حجبها عن الأجنبي هي في الجملة جميع جسدها عدا الوجه والكفين.
وجاء فيها أيضا: اتفق الفقهاء على أن الأذن في المرأة من العورة، ولا يجوز إظهارها للأجنبي.
وأما إن أريد ستر الوجه والكفين: فإن الخلاف في جواز كشف الوجه والكفين سبق تفصيله في الفتوى رقم: 50794.
وما دام الأمر مختلفا فيه فلا يسوغ للسلطة أن تحمل الناس على أحد الأقوال، بل تعلم الناس وتبين لهم الراجح إلا في حالات معينة كما لو خشي حصول فتنة وفساد فلها أن تمنع السفور سدا للذريعة ولأن شرط عدم الإنكار في المسائل الاجتهادية أن يكون الضرر قاصرا على المقلد نفسه، فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: من عمل بتقليد صحيح فلا إنكار عليه, لأنه لا إنكار في المسائل الاجتهادية، ودعوى الحسبة أيضا لا تدخل فيها, ولذلك فلا يمنعه الحاكم ما فعل وهذا واضح فيما ضرره قاصر على المقلد نفسه, كمن مس فرجه ثم صلى دون أن يتوضأ، لكن لو كان في فعله ضرر يتعدى إلى غيره, فقد قيل: إن الحاكم أو المحتسب إن كان يرى حرمة ذلك يجب عليه الاعتراض عليه، وليس معنى عدم الإنكار على من عمل بتقليد صحيح ترك البيان له من عالم يرى مرجوحية فعله, وكان البيان دأب أهل العلم ولا يزال فضلا عن الأخذ والرد بينهم فيما يختلفون فيه، وقد يخطئ بعضهم بعضا, وخاصة من خالف نصا صحيحا سالما من المعارضة، وهذا واضح على قول أكثر الأصوليين وهم القائلون بجواز تخطئة المجتهد في المسائل الاجتهادية، إلا أن هذا البيان يكون مع تمهيد العذر للمخالف من أهل العلم وحفظ رتبته وإقامة هيبته. والله أعلم. اهـ.
والله أعلم.