عنوان الفتوى : حكم صوم من ابتلت شفته بريقه ورجع شيء من لفمه
كنت أريد أن أسأل عن بلع الريق الذي على الشفة، علما بأني جعلت لساني يبل شفتي لكي أرطب الشفة؟ ولكن أحس أن ماء تجمع فأخذت جوة فمي بلساني بدلا من المسح لما فيه من مشقة حيث ساعات أمسك فوطة تكون رطبة عندما أمسح بها هل هذه الرطوبة تشكل مشكلة أم لا؟ وهل إذا مسحتة بمنديل وهذا المنديل فيه نوع ما من الأجزاء لا إشكال؟ وساعات ممكن لما أمسح شفتي وآتي وأكرر المسح المنديل يبقى رطبا من أثر المسحة الأولى للريق فهل فيه إشكال ؟ وهل لو منشفة استغلت لمسح يدي من الماء ونشفت بها ليس بها إشكال حيث إن المنشفة كما تعلم تكون رطبة بعد مسح عضو الجسم من الماء. أنا كنت ساعات أمسحه لكن لقيت مشقة وتركت المسح وأبلع الريق إذا وجد على الشفة ولقيته من باب للوسوسة فقررت أن أبلعه بدل كل لحظة أمسحه، وساعات أبل شفتي بالريق، لكن يتجمع ريق على الشفة فآخذه بلساني بدل المسح لما فيه من مشقة من مسح أو بصق ما أخذته على الشفة منعا للتعسف أو أن نفسي تكره الطاعة فيما بعد ذلك لأني تعرضت للوسوسة عدة مرات في حياتي لدرجة أني تعرضت لحادثة من قبل في دورة المياه والتي جعلتني أترك الصلاة خوفا من الأذى الذي أتعرض له من الوساوس أيضا. فذهبت فوجدت أنكم تبطلون صيام من يفعل ذلك. فهل صيامي باطل كله لأني فعلت ذلك في ساعة ما من رمضان. ابتدى لحد النهاردة وهل يبطل كل الايام دية؟ حتى إذا كنت جاهلا بالحكم يفسد الصيام؟ فماذا علي أن أفعل الآن أطعم صائما عن كل هذه الأيام أم عن كل يوم أم أصوم ذلك بعد رمضان أم ليس علي شىء؟ وأطلب من فضيلتك دليلا من أحاديث النبى عليه الصلاة والسلام أو الاستدلال من كلام الصحابة. وجزاكم الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت أيها الأخ السائل مصاب بالوسوسة نسأل الله لك الشفاء، وعليك لكي تتخلص من هذا الداء أن تأخذ بأسباب العلاج وأن تجتهد في ذلك غير مستسلم لتلبيس الشيطان فإنه لا يريد إلا الإضرار بك. وأفضل علاج للوسواس بعد الاستعاذة بالله تعالى والالتجاء إليه من شره أن تعرض عنه جملة وألا تلتفت إليه وألا تعيره أي اهتمام، وانظر الفتوى رقم: 51601. ثم إن مجرد بل الشفتين بالريق لا يفسد الصيام ما لم يتعمد ابتلاعه عالما بأنه يفسد الصوم، كما سبق بيانه في الفتوى رقم :162517 .
ويبدو أن السائل بسبب الوسوسة التي يعاني منها، يرتكب الشدة فيما يتعلق بمسح شفتيه ويعطي الأمر أكبر مما يستحق، فليهون على نفسه فإنه لا إشكال في مسح الشفتين للصائم سواء مسحهما بلسانه أم بمنديل مبلل ونحوه ما لم يتعمد ابتلاع البلل، وإذا مسحهما فلا يطالب بالمسح مرة أخرى لأن ذلك يجره إلى وسوسة لا نهاية لها، والله عز وجل رؤوف رحيم لا يكلف عباده ما لا يطيقون ولا يؤاخذهم بما لا يدخل في وسعهم.
وليعلم كذلك أن الأصل صحة العبادة فلا يزول هذا الأصل إلا بيقين، فمهما لم يتيقين أنه قد دخل شيء إلى جوفه فصومه صحيح، وعليه فلا يطالب بقضاء الأيام التي حصل فيها مسح شفتيه ما لم يتعمد ابتلاع شيء خارج عن ريقه المعتاد في فمه عالما بإفساد ذلك للصوم.
ثم إن ترك الصلاة خوفا من الأذى الذي يسببه له الوسواس أمرعظيم مخالف لأمر الله تعالى موافق للشيطان، فإن ترك الصلاة لا يجوز بحال من الأحوال ما دام المرء يتمتع بعقله، وتركها بسبب الخوف من الوسواس هو بغية الشيطان ومهمته حيث يحول بين المسلم وعبادته، لذلك فليحذر من أن يترك عبادته للسبب المذكور فإن أهل العلم ذكروا أن الموسوس في الصلاة عليه أن يصلي ولا يلتفت إلى الشكوك والوساوس، وانظر الفتوى رقم :112233، والفتوى رقم :100502 .
والله أعلم.