عنوان الفتوى : حكم ابتلاع الصائم الريق بعد وصوله إلى الشفتين
هل ممكن أن آخذ برأي المذهب الحنفي في مسألة خروج الريق إلى الشفاه في الصيام؟ لأني أتشدد في مسح الشفاه عند بصق المياه بعد الوضوء بسبب الوسوسة خوفا من خروج الريق على الشفاه وإمكانية رجوعه للفم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يقرره فقهاء الحنفية أن ابتلاع الريق بعد وصوله إلى الشفتين لا يفطر، وإن كانوا يقررون أن الاحتياط ترك هذا خروجا من الخلاف، قال الحصكفي في الدر المختار: (أَوْ أَصْبَحَ جُنُبًا وَ) إنْ بَقِيَ كُلَّ الْيَوْمِ (أَوْ اغْتَابَ) مِن الْغِيبَةِ (أَوْ دَخَلَ أَنْفَهُ مُخَاطٌ فَاسْتَشَمَّهُ فَدَخَلَ حَلْقَهُ) وَإِنْ نَزَلَ لِرَأْسِ أَنْفِهِ كَمَا لَوْ تَرَطَّبَ شَفَتَاهُ بِالْبُزَاقِ عِنْدَ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ فَابْتَلَعَهُ، أَوْ سَالَ رِيقُهُ إلَى ذَقَنِهِ كَالْخَيْطِ وَلَمْ يَنْقَطِعْ فَاسْتَنْشَقَهُ (وَلَوْ عَمْدًا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْقَادِرِ عَلَى مَجِّ النُّخَامَةِ فَيَنْبَغِي الِاحْتِيَاطُ (أَوْ ذَاقَ شَيْئًا بِفَمِهِ) وَإِنْ كُرِهَ (لَمْ يُفْطِرْ) جَوَابُ الشَّرْطِ ،وَكَذَا لَوْ فَتَلَ الْخَيْطَ بِبُزَاقِهِ مِرَارًا وَإِنْ بَقِيَ فِيهِ عَقْدُ الْبُزَاقِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَصْبُوغًا وَظَهَرَ لَوْنُهُ فِي رِيقِهِ وَابْتَلَعَهُ ذَاكِرًا، وَنَظَمَهُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فَقَالَ: مُكَرِّرُ بَلَّ الْخَيْطِ بِالرِّيقِ فَاتِلًا ... بِإِدْخَالِهِ فِي فِيهِ لَا يَتَضَرَّرُ ... وَعَنْ بَعْضِهِمْ إنْ يَبْلَع الرِّيقَ بَعْدَ ذَا يَضُرُّ ... كَصِبْغٍ لَوْنُهُ فِيهِ يَظْهَرُ. انتهى.
وقال ابن نجيم في البحر الرائق: الصَّائِمُ إذَا دَخَلَ الْمُخَاطُ أَنْفَهٌ مِنْ رَأْسِهِ ثُمَّ اسْتَشَمَّهُ وَدَخَلَ حَلْقَهُ عَلَى تَعَمُّدٍ مِنْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رِيقِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى كَفِّهِ ثُمَّ يَبْتَلِعَهُ فَيَكُونَ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ، وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَكَذَا الْمُخَاطُ وَالْبُزَاقُ يَخْرُجُ مِنْ فِيهِ أَوْ أَنْفِهِ فَاسْتَشَمَّهُ وَاسْتَنْشَقَهُ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ. انتهى.
وفي هذا المذهب تسهيل على الموسوسين ورفق بهم، ولا حرج في العمل به، وتنظر الفتوى رقم: 181305.
والله أعلم.