عنوان الفتوى : مراعاة المصالح والمفاسد في العقيدة
هل تعتبر قاعدة المصلحة والمفسدة في العقيدة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع يعتبر المصالح والمفاسد، ومن ذلك نهي الشارع عن سب المشركين وسب آلهتهم حتى لا يسبوا الله تعالى، قال عز وجل: وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ.
قال ابن كثير رحمه الله: يقول الله تعالى ناهياً لرسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن سب آلهة المشركين، وإن كان فيه مصلحة إلا أنه يترتب عليه مفسدة أعظم منها، وهي مقابلة المشركين بسب إله المؤمنين، وهو: الله لا إله إلا هو. اهـ.
ومن ذلك تجويزه النطق بكلمة الكفر للمكره عليها، ومن ذلك تأخيره بناء الكعبة على قواعد إبراهيم عليه السلام لكون قريش حدثاء عهد بالجاهلية، كما في حديث عائشة قالت: سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الحجر أمن البيت هو؟ قال:نعم، قلت فما لهم لم يدخلوه في البيت؟ قال إن قومك قصرت بهم النفقة، قلت فما شأن بابه مرتفعا؟ قال فعل ذلك قومك ليدخلوا من شاؤوا ويمنعوا من شاؤوا، ولولا أن قومك حديث عهدهم بالجاهلية فأخاف أن تنكر قلوبهم أن أدخل الحجر في البيت وأن ألصق بابه الأرض. متفق عليه.
جاء في شرح بلوغ المرام للشيخ عطية محمد سالم: ومن الحكمة النبوية الكريمة أنه صلوات الله وسلامه عليه كان يترك الأمر الذي يحبه ويتقرب بفعله لما يترتب عليه من مفاسد أخرى، ومن ذلك حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها في إقامة الكعبة على قواعد إبراهيم، فهو رغب أن يجعل الكعبة على تلك الحالة، ولكن ترك ذلك مراعياً ما يترتب عليه من رد الفعل في نفوس قريش؛ لأنهم كانوا حدثاء عهد بشرك.
والله أعلم.