عنوان الفتوى : القول بعدم شرطية ستر العورة في الصلاة لا يعني إباحة تعمد كشفها
هل يمكننا الأخذ بقول بعض أصحاب مالك: ستر العورة واجب وليس بشرط، فإن صلى مكشوفها صحت صلاته ـ سواء تعمد أو سها؟ كذلك ذكرتم أن ضابط اليسير هو العرف، فهل لنا أن نطبق هذا القول في الحياة عامة وليس فقط في الصلاة؟ حتى لو كان هذا العرف يعتبر الرأس والرقبة ونصف الذراعين من اليسير عند المرأة؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا يجوز للمصلي ابتداء أن يصلي مكشوف العورة اعتمادا على قول من قال بأن سترها واجب وليس شرطا، لأن معنى أنه واجب هو وجوب سترها، وعدم القول بشرطيتها عندهم لا يعني جواز ابتداء كشفها، والمالكية القائلون بأن ستر العورة واجب نصوا على تحريم تعمد كشف العورة المخففة كالفخذ عندهم وقيل بالكراهة.
ومن صلى مكشوف العورة من غير عمد فإنه يعيد في الوقت عند من لم يقل بشرطية ستر العورة، فإن خرج الوقت وكان مقلدا وليس ممن يقدر على النظر في المسائل المختلف فيها ومعرفة الراجح من المرجوح فإنه يجوز له تقليد من يرى صحة صلاته بشرط أن لا يكون اختياره لقولهم مبنيا على التشهي وتتبع الرخص، ولا يجوز للمرأة كشف شيء من رقبتها أو ذراعها أو رأسها ولو يسيرا أمام الأجنبي بحجة أن هذا يسير عرفا والله تعالى أمرها بستر عورتها وزينتها ولم يفرق بين اليسير والكثير، وإنما ذكر الفقهاء أنه لو انكشف شيء يسير من عورتها في الصلاة لم تبطل صلاتها، كما بيناه في الفتوى رقم: 121534
وقدر اليسير مختلف فيه فقيل الْيَسِيرُ مِنْ الْعَوْرَةِ مَا كَانَ قَدْرَ رَأْسِ الْخِنْصَرِ، وقيل مَا عُدَّ يَسِيرًا عُرْفًا، قال المرداوي: عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ ولكن المقصود بهذا ما تعارف عليه أصحاب الفطر السليمة وأهل المروءات, فلو كان الغالب على المجتمع التبرج والسفور فإنهم قد يعدون الكثير يسيرا وليس هذا هو المقصود عند الفقهاء بقولهم عرفا, ولا يجوز الاتكاء على هذا القول بحيث يقال بجواز تعمد كشف اليسير من عورتها خارج الصلاة أمام الأجانب من الرجال, وانظري الفتويين رقم: 150393 ورقم: 128879
والله أعلم.