عنوان الفتوى : حكم تكذيب الإنجيل الموجود عند النصارى الآن
إذا كذبت الإنجيل الذي عند النصارى اليوم وأنا مؤمنة بالإنجيل الذي نزل على عسيى عليه السلام، فهل يعتبر عملي صحيحا؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا الأمر يتعين التفصيل فيه فيجب علينا أن نؤمن أن الله تعالى أنزل كتبه على أنبيائه السابقين، ومن ضمن هذه الكتب التي يجب الإيمان بها الإنجيل الذي أُنزل على عيسى عليه السلام، وفي شأنه يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ {المائدة:46}.
وقال تعالى: قولوا آمنا بالله ومآ أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون {البقرة:136}.
وأما الأناجيل المحرفة الموجودة عند النصارى اليوم والتي تضمنت من الخرافات والأباطيل والشرك ما لا يصدق عاقل معه أنها من عند الله تعالى، فيجب تكذيب ما يحكى فيها مما يعلم تكذيبه بنصوص الوحي وبالعقل، فقد ثبت تحريفها بالنقل والعقل، وذلك لما في الأناجيل الموجودة عند النصارى من مناقضة المنقول والمعقول.
وأما ما لا يعلم صدقه ولا كذبه فلا نصدقه ولا نكذبه، لما في حديث البخاري: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا.
جاء في شرح صحيح البخاري لابن بطال: يعني: فيما ادعوا من الكتاب ومن أخبارهم، مما يمكن أن يكون صدقاً أو كذباً، لإخبار الله تعالى عنهم أنهم بدلوا الكتاب ليشتروا به ثمناً قليلاً، ومن كذب على الله فهو أحرى بالكذب في سائر حديثه. انتهى.
وقال ابن حجر في فتح الباري: ولا تكذبوهم ـ أي إذا كان ما يخبرونكم به محتملاً لئلا يكون في نفس الأمر صدقاً فتكذبوه أو كذباً فتصدقوه فتقعوا في الحرج. انتهى.
وأما ما يعلم صدقه، لثبوته في نصوص القرآن والسنة فلا يكذب محتوى الخبر، ولكنه لا يجزم بكونه من الإنجيل المنزل من عند الله تعالى إلا إذا وجدنا في القرآن أو السنة الثابتة أن الله ذكره في الإنجيل.
والله أعلم.