عنوان الفتوى : حكم دفع مال للحصول على الجنسية
لدي سؤال أرجو من الله أن يوفقكم في إجابتي عليه: لقد عشت أغلب حياتي في دولة خليجية مع أسرتي ودرست من الصف السابع ـ الأول الإعدادي ـ حتى الصف الثاني عشر ـ الثالث الثانوي ـ ثم عدت بمفردي أنا وأخي إلى بلدي الأم لإكمال دراستي الجامعية، وتركنا باقي الأسرة في الدولة الخليجية، فأكملت دراستي الجامعية وتزوجت، وعدت مع زوجي إلى نفس الدولة الخليجية، وأنجبت جميع أبنائي بها، وأتممت الآن عشرين سنة بها، ولا أستطيع العودة إلى بلدي الأصلي، لأنني لا أستطيع التأقلم والتعامل مع الناس هناك، فقد تعودت على عادات وتقاليد الدولة الخليجية، وأريد الحصول على جنسية الدولة الخليجية، ولكن حتى يتم ذلك لا بد من دفع مبلغ من المال لإتمام الإجراءات، فهل يعتبر هذا المال بمثابة رشوة؟ أخشى من ذلك، أرجو الإفادة، وشكرا لكم وجزاكم الله ألف خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المال يبذل للجهات الرسمية مقابل الخدمات التي ستقدمها أو لشخص سيسعى بوجهه ويبذل جهدا ومشقة في سبيل حصولك على الجنسية فلا حرج عليك في بذله ولايسمى رشوة، لأن الرشوة هي ما يبذل ليتوصل به إلى إبطال حق، أو إحقاق باطل، وأما لو كان المال يبذل لتغاضي المسؤولين عن استصدار الجنسية مجاوزة لقانون البلد لعدم استحقاقها فبذله حينئذ رشوة، والرشوة من كبائر الذنوب، قال تعالى: سماعون للكذب أكَّالون للسحت { المائدة: 41}. قال الحسن وسعيد بن جبير: هو الرشوة.
وقال تعالى: ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون {البقرة:188}.
وعن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي. رواه الترمذي وقال: حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
فيحرم طلب الرشوة وقبولها وبذلها، كما يحرم عمل الوسيط بين الراشي والمرتشي.
وأما الرشوة التي يتوصل بها المرء إلى حقه، أو لدفع ظلم، أو ضرر، فإنها جائزة عند الجمهور ويكون الإثم على المرتشي دون الراشي، وورد في الأثر أن ابن مسعود ـ رضي الله ـ عنه كان بالحبشة فَرَشَا بدينارين حتى خلي سبيله، وقال: إن الإثم على القابض دون الدافع.
والله أعلم.