عنوان الفتوى : أحوال غير المسلم يوم القيامة
ماهي أحوال غير المسلم يوم القيامة ؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: فمما لا شك فيه أنَّ الله لا يظلم أحدا من خلقه، وأيضا الله خلق الخلق لعبادته، قال تعالى في سورة الذاريات: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ).
ومن عاش في الدنيا كافرا بالله جاحدا بألوهيته مشركا به، فإنه لم يؤد الواجب الذي خلق من أجله في الدنيا، وهذا الذي كفر بالله لا يخرج حاله عن أمور:
أنه لم تصله الدعوة بلغته بلوغا مشوها ومنفرا فهذا يعامل في الدنيا معاملة أهل الكفر، أما مصيره في الآخرة فإلى الله، وقد ورد أن الله سيختبرهم في الآخرة، قال تعالى: ( وَمَا كُنَا مُعَذِّبِينَ حَتىّ نَبْعَثَ رَسُوُلاً ) .
أما عن كيفية اختبارهم ورد في السنة ، قال صلى الله عليه وسلم : ( أن أربعة يوم القيامة يدلون بحجة: رجل أصم لا يسمع، ورجل أحمق، ورجل هرم، ومن مات في الفترة، فأما الأصم فيقول: يارب جاء الإسلام وما أسمع شيئا . وأما الأحمق فيقول : جاء الإسلام والصبيان يقذفونني بالبعر ، وأما الهرم فيقول : لقد جاء الإسلام وما أعقل ، وأما الذي مات على الفترة فيقول : يا رب ما أتاني رسولك ، فيأخذ مواثيقهم ليطعنّه ، فيرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار ، قال: فوالذي نفسي بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما ـ وفي رواية قال في آخره ـ فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ، ومن لم يدخلها يسحب إليها ) وهو في مسند أحمد ، والأحاديث المختارة ، وصحيح ابن حبان.
أما من بلغته الدعوة بصورة واضحة وأصر على الكفر والإشراك فإن أهل جحود الخالق في الدنيا من أهل النار يوم القيامة، وأحيانا قد يصدر من الكافر أعمالا خيرة في الدنيا، كإطعام المسكين مثلا أو العطف على الأرملة واليتيم، والآخر قد يكون مجرما قاتلا للنفس الزكية وقاطعا للرحم مرتكبا للموبقات فما مصير كل منهما في الآخرة؟
الجواب: مصير كل منهما في الآخرة النار، وصاحب الأعمال الصالحة لن تنفعه يوم القيامة لأن شرط قبول العمل الصالح الإيمان بالله تعالى، وهذا الكافر لم يقر بوحدانية الله فلا يقبل منه أي عمل صالح قدمه في الدنيا، لقوله تعالى: {وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءً منثوراً} (الفرقان:23) ولحديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله عبد الله بن جدعان كان يطعم الحاج في الجاهلية فهل ينفعه ذلك عند الله يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا، إنه لم يقل يوماً: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين] (رواه مسلم).
هذا في شأن الكافر الذي من شأنه عمل الخير، أما الكافر المجرم فإنه له عذابان يوم القيامة عذاب الكفر والإشراك، وعذاب الإجرام والصد عن السبيل ، ويشهد لهذا قوله تعالى: {والذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذاباً فوق العذاب بما كانوا يفسدون} (النحل:88)
جاء تفسير ابن عباس: {بِمَا كَانُواْ يُفْسِدُونَ} يقولون ويعملون من المعاصي والشرك.
وقال الإمام البقاعي في تفسيره: {عذاباً فوق العذاب} الذي استحقوه على مطلق الشرك { بما كانوا } أي كوناً جبلياً { يفسدون * } أي يوقعون الفساد ويجددونه أهـ
ويقول الإمام الطبري في تفسيره: زدناهم ذلك العذاب علـى ما بهم من العذاب بـما كانوا يفسدون، بـما كانوا فـي الدنـيا يعصُون الله ويأمرون عبـاده بـمعصيته، فذلك كان إفسادهم، اللهمّ إنا نسألك العافـية يا مالك الدنـيا والآخرة البـاقـية.أهـ
والله أعلم.