عنوان الفتوى : هل يجوز له توصيل زميله النصراني إلى الكنيسة تأليفاً لقلبه للإسلام ؟!

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا طالب في الجامعة ، ولدي زميل نصراني طيب القلب ، أسأل الله أن يشرح صدره للإسلام ، بحكم الزمالة نحتك ببعضنا كثيراً في الجامعة ونتعاون على أشياء مختلفة ، أحاول بقدر المستطاع وبما أملك من علم أن أبيِّن له سماحة الإسلام كلما سنحت الفرصة ، فالأخلاق العالية تؤثر فيه كثيراً . سؤالي هو : أحياناً قد يطلب مني أن أوصله للكنيسة بالعربة ، أو يسألني كيف يتصرف في موقف ما حصل له مع صديقته ، أنا أحاول أن أغيِّر الموضوع أو أن أتهرب من سؤاله ، هل عليِّ إثم إن ساعدته فيما ذكرت سابقاً ؟ أم أنه يجب علي ألا أساعده ؟ وما الضابط في هذه المسألة ؟ (أعني التعاون بين المسلم وغير المسلم) . جزاكم الله خيراً ، وأسألكم الدعاء له أن يهديه الله على يدي .

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
أولاً :
لا يمنع الشرع المطهر من المعاملة مع الكافر في بيع أو شراء ، ولا يمنع من الاستفادة منهم في علم أو تجارة أو غيرها من المعاملات الدنيوية التي تُصلح الحياة ، لكنه يمنع من مصادقة ومصاحبة لهم بغير قصد دعوتهم إلى الإسلام ؛ لأن من شأن تلك المصادقة والمصاحبة أن تؤدي إلى التأثر بهم وبدينهم ، أو تؤدي إلى محبتهم القلبية ، وكل ذلك خطر على دين المسلم ، وما ضاع من ضاع من الطلاب والمبتعثين والمقيمين في بلاد الكفار إلا بسبب هذا الأمر حتى انصهروا في تلك البلاد وتشبهوا بأهلها معجبين بهم ومتأثرين بمنهاجهم في الحياة حتى فقد طوائف منهم أغلى ما أنعم الله تعالى به عليهم وهو الدين .
لذا فينبغي أن تكون نيتك في معاملة ذلك النصراني تأليف قلبه على الإسلام وإظهار أخلاق المسلمين الحسنة التي تعلموها من دينهم ، واحذر أن يوجد في قلبك مودة ومحبة لمثل هؤلاء ؛ الذين يسبون الله ويشتمونه ، ويجعلون له الصاحبة والولد ، ويقدسون الصليب ويعبدونه .
وانظر جواب السؤال رقم ( 1204 ) .
ثانياً :
إذا كانت قاعدة التعاون بين المسلمين أنفسهم أنها تكون في البر والتقوى ، ولا تكون في الإثم والعدوان : فأحرى أن تكون كذلك فيما لو كان التعاون بين المسلمين وغيرهم قال الله تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة/2 .
وعلى هذا ، فيمكن معاونته والإحسان إليه في شيء من الدراسة ، أو توصيله إلى منزله ونحو ذلك من الأشياء المباحة .
أما الأشياء المحرمة فلا يجوز معاونته فيها .
وعلى هذا ، فلا يجوز توصيله إلى الكنيسة ، لما في الكنائس من كفر بالله تعالى وعبادة لغير الله .
ولا تجوز إعانته على علاقته المحرمة مع صديقته ، بل ينبغي نهيه عن ذلك بشيء من الرفق واللين .
واعلم أنه لا يجوز تأليف قلبه بتشجيعه على المحرمات ، وإنما يجوز لك أن تسكت عن منكراته حتى تجد الوقت المناسب ، والفرصة المناسبة للكلام فيها .
وقد يكون التلطف في الاعتذار له في كلا المسألتين ، وبيان الحكم الشرعي له طريقاً لهدايته وإيقافه على حقيقة ما يفعل من كفر وفسق ، وهذا – لا شك – خير من تغطية الحقيقة عليه ، وتعميته عن إبصار الحق والحقيقة ، فاجعل من عدم تعاونك معه في المسألتين طريقاً للوصول إلى قلبه وعقله ، ولعلَّه أن يهتدي بسبب ذلك .
واعلم أنه – غالباً – سيحترمك إن رفضتَ فعل شيء يخالف دينك ، فاجهر بالحق ولا تخف من عاقبته ، بل اطمئن إلى أن ذلك هو الحق وأنه سينفعه بإذن الله ، ونسأل الله أن يوفقك لما يحب ويرضى ، ونسأله تعالى يهديه سواء السبيل .

والله أعلم