عنوان الفتوى : معاملة تارك الصلاة ورد السلام عليه
هل يجوز القول لتارك الصلاة كلياً أو بعض الصلوات أنت كافر؟ وهل يجوز رد السلام على تارك الصلاة والأكل وغير ذلك من المعاملات؟ وإذا كان لا يجوز التعامل معه هل من بعض الأدلة من الكتاب والسنة؟ وجزاكم الله خير الجزاء، وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فلا شك في أن ترك الصلاة من أعظم الذنوب وأكبر الموبقات، وأن تارك الصلاة يصدق عليه وصف الكفر، لقوله صلى الله عليه وسلم: فمن تركها فقد كفر. ولكن جمهور العلماء على أن هذا الكفر هو كفر دون كفر، أي كفر لا ينقل عن الملة، وقول الجمهور من أن تارك الصلاة ليس خارجاً من الملة وأنه من فساق أهل القبلة هو الذي نميل إليه، والقول في هذه المسألة مستوفى في الفتوى رقم: 130853 فانظرها.
ومن ثم فلا نرى جواز أن يخاطب تارك الصلاة بمثل هذا فيقال له أنت كافر. لأن المتبادر من لفظ الكفر هو الناقل عن الملة، فضلاً عما فيه من تنفير ودعوة بغير الحكمة والموعظة الحسنة، وانظر الفتوى رقم: 155241.
وإنما يخاطب تارك الصلاة بحكمة، وتوجه له الموعظة الحسنة، وتذكر له نصوص الوعيد كما أطلقها النبي صلى الله عليه وسلم دون تنزيل لها عليه بعينه، ثم يقال له نحن نحبك، ولا نرضى لك بأن تعرض نفسك لهذا الوعيد الشديد ونحو ذلك من الكلام الذي يستميل قلبه، ويهيجه على الامتثال.
وأما معاملته بيعاً وشراء وأخذاً وعطاء فلا شك في جوازها، وكذا يجوز أكل طعامه وقبول هديته وسائر وجوه المعاملات. وانظر الفتوى رقم: 156699.
وأما رد السلام عليه وكذا ابتداؤه بالسلام فجائز لما بينا أنه من جملة المسلمين، ولكن استحب بعض العلماء ترك السلام عليه وإجابة دعوته زجراً له عن قبيح فعله، وهذا محمول على ما إذا كان انتفاعه بذلك أعظم من انتفاعه بضد هذا، وإلا فالأولى فعل ما فيه المصلحة، جاء في الروض مع حاشيته: وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها حتى يصلي، ولا ينبغي السلام عليه، ولا إجابة دعوته، قاله الشيخ تقي الدين -يعني شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله تعالى في مواضع. وذلك فيما إذا كان هجره أنفع له، كما هو معلوم من قواعده. انتهى.
والله أعلم.