عنوان الفتوى : حكم قضاء الصلاة لمن زال عقله بسبب مباح

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

سؤالي هو: امرأة صلت الصبح، بعدها أجريت لها عملية جراحية بدأت قبل الظهر وانتهت بعد المغرب، واستفاقت في اليوم التالي مع صلاة الصبح، عندما سألت قيل لها إنه الصبح فصلت ذلك الوقت فقط دون الفائت بسبب الحالة التي كانت عليها، وبعد أخذها إلى الغرفة الخاصة بها، قيل لها إنها لا يمكنها أن تصلي لأنها تكشفت أتناء العملية أمام الرجال، وهم الأطباء، فتوقفت إلى حين عودتها للمنزل. لن أطيل الشرح الملخص أنها عادت للمستشفى، وبقيت به مدة، وسألت عن كيفية الصلاة، وصلت بنية التيمم مع الجمع والتقصير؛ لأن المسافة كانت كبيرة أكثر من ثمانين كيلو متر، ولكن الفترة التي لم تصل خلالها كانت معظم الوقت إما مخدرة أو الآلام لا تبرحها..

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما ما فعلته هذه المرأة من تركها الصلاة لكونها تكشفت للأطباء الرجال فخطأ، بل كان الواجب عليها أن تصلي ما افترضه الله عليها من الصلوات، وليس انكشاف شيء من بدنها للأطباء عذرا يمنعها من الصلاة، وهي إن لم تكن وجدت من يطببها من النساء فلا إثم عليها في ذلك.

وأما الصلوات التي تركتها بسبب الإغماء ففي وجوب قضائها خلاف بين العلماء، فأوجب الحنابلة القضاء مطلقا، ولم يوجبه المالكية والشافعية، وأوجبه الحنفية إن لم يزد على خمس صلوات فإن زاد فلا يجب، قال في المغني: المغمى عليه حكمه حكم النائم لا يسقط عنه قضاء شيء من الواجبات التي يجب قضاؤها على النائم كالصلاة والصيام. وقال مالك والشافعي : لا يلزمه قضاء الصلاة إلا أن يفيق في جزء من وقتها... وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه خمس صلوات قضاها، وإن زادت سقط فرض القضاء في الكل. انتهى.

وكالمغمى عليه من زال عقله بدواء مباح كما هو الشأن في هذه المرأة فلا يجب عليها القضاء عند من لا يوجب القضاء على المغمى عليه، قال الشيرازي رحمه الله في المهذب: وأما من زال عقله بجنون أو إغماء أو مرض فلا يجب عليه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : رفع القلم عن ثلاثة... فنص على المجنون، وقسنا عليه كل من زال عقله بسبب مباح. انتهى.

ورجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن المغمى عليه يجب عليه القضاء إن زال عقله بتسبب منه، كمن تعاطى دواءا زال به عقله ولو مباحا، وأما إن لم يكن الإغماء بسبب منه فلا يلزمه القضاء.

والحاصل أن القول بالقضاء هو الأحوط، وإن كان القول بعدم لزوم القضاء للمغمى عليه قويا من حيث النظر.

وأما تيممها فإن كانت لا تستطيع الوضوء ولو بمعونة فقد فعلت ما يجب عليها، وأما قصرها الصلاة فإن كانت لم تنو إقامة أربعة أيام فأكثر، بل كانت لا تدري متى تخرج من المستشفى فتقول اليوم أخرج غدا أخرج، فقصرها الصلاة صحيح مجزئ عنها، وحيث جاز القصر جاز الجمع ، وأما إن كانت نوت إقامة أربعة أيام علمت أن علاجها لا ينتهي في أقل منها فحكمها حكم المقيم ولم يكن القصر جائزا لها في هذه الحال، ولتنظر الفتوى رقم: 115280 ورقم: 26730، والجمهور على عدم جواز الجمع في هذه الحالة. وذهب بعض أهل العلم إلى إباحة الجمع لكل حاجة، وحيث لم يجز لها القصر أو التيمم فإنها لا تعتد بتلك الصلوات التي صلتها، وعليها أن تعيدها لأنها دين في ذمتها لا تبرأ إلا بقضائه، ودين الله أحق أن يقضى، ولم يكن يجوز لها أن تترك شيئا من الصلاة لغلبة الألم، بل كان يلزمها أن تصلي حسب حالها ما دام عقلها ثابتا، فإذا علم جميع ما مر فالواجب على هذه المرأة أن تحسب ما يلزمها قضاؤه من الصلوات مما لم تؤده أصلا لاعتقادها الخاطئ أو لغلبة الألم، وكذا ما تركته بسبب الإغماء احتياطا، وإن كان القول بعدم لزوم قضاء ما تركته بسبب الإغماء قويا كما مر، وكذا ما صلته بالتيمم حيث لا يشرع التيمم، أو ما صلته قصرا حيث لا يشرع القصر، ثم تقضي جميع ذلك، فإن لم تستطع معرفته على وجه التحديد فلتقض ما يحصل لها به اليقين أو غلبة الظن ببراءة ذمتها، لأن هذا هو ما تقدر عليه والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإنما يلزمها القضاء حسب طاقتها بما لا يضر ببدنها ومعاشها، فيجوز لها أن تؤخر قضاء الصلوات التي تتضرر بقضائها، ولتنظر الفتوى رقم 70806لبيان كيفية القضاء.

والله أعلم.