عنوان الفتوى : الحكمة من الأمر بنفض الفراش قبل النوم وإغلاق الأبواب وتخمير الآنية وإيكاء الأسقية
تأتيني وساوس منذ أن عرفت أن نفض الفراش قبل النوم سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فأصبحت أنفض الفراش ـ السرير ـ محاولا عدم ترك سنتيمتر واحد دون تنفيض، وإذا نفضته ثم بعد ذلك تركته لأجلب شيئا أرجع أنفضه مرة أخرى وطوال اليوم كلما أردت الاسترخاء على السرير أنفضه حتى إنني قد أنفضه أكثر من 15 مرة في اليوم وبصراحة يرجع ذلك لجهلي بسبب أمره صلى الله عليه وسلم بالتنفيض في بعض الكتب ذكر أن ذلك بسبب الهوام فأخاف لو تركت السرير لثوان أن تعود عليه، وفيه من يقول إن الشياطين تكون به ويحدث ذلك أيضا عندما نطبق سنة تخمير قلب الآنية، فهل ذلك لا يكون إلا في وقت المغرب إلى العشاء فأنا أكره أن آكل أي شيء كان مكشوفا ولو معي مثلا كوب شاي أكرر تغطيته كلما تركته، وهذا يرجع لعدم معرفتي بالمطلوب فعله لتخمير الآنية وتتكرر هذه الوساوس عندما أتأكد في كل خروج من المنزل أنني قد أغلقت الباب فأقف أمام الباب بعد غلقه فترة طويلة جدا للتأكد، فأرجو نصحي والدعاء لي.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله أن يعافيك من هذا الوسواس المذموم والذي ننصحك به هو الإعراض عن هذه الوساوس وعدم الالتفات إليها، وعليك بالحرص على تنفيذ سنته صلى الله عليه وسلم وتطبيقها على وجهها دون غلو، أو جفاء فنفض الفراش قبل النوم عليه سنة لدفع ما عسى أن يكون من المؤذيات، أو الأوساخ، ففي الصحيح عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفض فراشه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه.
وحكمة ذلك ما مر ذكره وما بينه النبي صلى الله عليه وسلم من أنه لا يدري ما خلفه عليه، قال النووي ـ رحمه الله: ومعناه: أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه، لئلا يكون فيه حية، أو عقرب، أو غيرهما من المؤذيات، ولينفض ويده مستورة بطرف إزاره، لئلا يحصل في يده مكروه إن كان هناك. انتهى.
ومن السنة كذلك إغلاق الأبواب وتخمير الآنية وإيكاء الأسقية، ففي الصحيح عن جابر ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا استجنح الليل، أو قال جنح الليل فكفوا صبيانكم فإن الشياطين تنتشر حينئذ فإذا ذهب ساعة من العشاء فخلوهم، وأغلق بابك واذكر اسم الله، وأطفئ مصباحك واذكر اسم الله، وأوك سقاءك واذكر اسم الله، وخمر إناءك واذكر اسم الله ولو تعرض عليه شيئا.
وذكر العلماء الحكمة من هذا الأمر، فقال النووي: وذكر العلماء للأمر بالتغطية فوائد: منها الفائدتان اللتان وردتا في هذه الأحاديث، وهما: صيانته من الشيطان، فإن الشيطان لا يكشف غطاء، ولا يحل سقاء، وصيانته من الوباء الذي ينزل في ليلة من السنة.
والفائدة الثالثة: صيانته من النجاسة والمقذرات.
والرابعة: من الحشرات والهوام، فربما وقع شيء منها فيه فشربه وهو غافل، أو في الليل فيتضرر به. انتهى.
فعلى المسلم أن يحرص على هذه السنن، لما فيها من المصالح الدنيوية والأخروية، ولكن لا ينبغي أن يجره هذا إلى الوسوسة والتنطع فإن الغلو مذموم وقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منه في أحاديث كثيرة ثم إن هذه الأمور من الآداب المستحبة التي لا يلحق من تركها إثم ـ إن شاء الله.
والله أعلم.