عنوان الفتوى : تخصيص اتحاد الملاك بناية في العمارة مسجدا ومحاولة الرجوع عن ذلك
إذا خصص اتحاد ملاك العقارات بناية في العمارة أنها مسجد، هل يجوز لهم الرجوع عن ذلك؟
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
مذهب جمهور الفقهاء أن المسجد يصير مسجدا ، ويخرج عن ملكه بمجرد القول، أي أن يقول باني البناية ( جعلت هذه القطعة مسجدا، أو نحو ذلك من الألفاظ) وأنتم بصفتكم ملاكا لهذه الأرض قد نويتم جعل هذه القطعة مسجدا، وتلفظتم بهذا، ولم يبق إلا أن تأذنوا للناس بالصلاة في هذه البناية، وهذا القدر الذي كان منكم كاف في نزع هذه البناية عن ملككم، وجعلها مسجدا على مذهب جمهور الفقهاء ( المالكية والحنابلة والشافعية ).
وأما على مذهب الحنفية فإن الإمام أبا يوسف منهم يرى هذا الذي حكيناه عن الجمهور ، وأما أبو حنيفة نفسه ومحمد صاحبه فيشترطون إقامة صلاة واحدة جماعة على الأقل حتى تصير البناية مسجدا، فعلى مذهب أبي حنيفة لايزال بإمكانكم الرجوع عن وقف هذه البناية ، ومذهب الجمهور أحوط.
جاء في فتح القديرمن كتب الحنفية :-
وإذا بنى مسجدا لم يزل ملكه عنه حتى يفرزه عن ملكه بطريقه ويأذن للناس بالصلاة فيه , فإذا صلى فيه واحد زال عند أبي حنيفة عن ملكه ).
أما الإفراز فلأنه لا يخلص لله تعالى إلا به , وأما الصلاة فيه فلأنه لا بد من التسليم عند أبي حنيفة ومحمد , ويشترط تسليم نوعه , وذلك في المسجد بالصلاة فيه , أو لأنه لما تعذر القبض فقام تحقق المقصود مقامه ثم يكتفى بصلاة الواحد فيه في رواية عن أبي حنيفة , وكذا عن محمد ; لأن فعل الجنس متعذر فيشترط أدناه . وعن محمد أنه يشترط الصلاة بالجماعة ; لأن المسجد بني لذلك في الغالب .
وقال أبو يوسف : يزول ملكه بقوله جعلته مسجدا ؛ لأن التسليم عنده ليس بشرط ; لأنه إسقاط لملك العبد فيصير خالصا لله تعالى بسقوط حق العبد وصار كالإعتاق .
وأبو يوسف رحمه الله مر على أصله من زوال الملك بمجرد القول أذن في الصلاة أو لم يأذن ، ويصير مسجدا بلا حكم ؛ لأنه إسقاط كالإعتاق ، وبه قالت الأئمة الثلاثة .