عنوان الفتوى : وجه عدم جواز الجمع بين البيع والجعالة والصرف

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أرجو من فضيلتكم تبيين وجه التحريم في اجتماع عقد البيع مع الجعالة والصرف؟.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد بيَّن ذلك القرافي في الفروق فوجه التحريم أن أحكام هذه العقود تتنافى مع أحكام البيع فلا يجوز اجتماعها معه في عقد واحد، ومن المعلوم أن انتفاء اللوازم يدل على انتفاء الملزومات، قال رحمه الله : اعلم أن الفقهاء جمعوا أسماء العقود التي لا يجوز اجتماعها مع البيع في قولك: جص مشنق ـ فالجيم للجعالة، والصاد للصرف، والميم للمساقاة، والشين للشركة، والنون للنكاح، والقاف للقراض، والسر في الفرق أن العقود أسباب لاشتمالها على تحصيل حكمتها في مسبباتها بطريق المناسبة، والشيء الواحد بالاعتبار الواحد لا يناسب المتضادين، فكل عقدين بينهما تضاد لا يجمعهما عقد واحد، فلذلك اختصت العقود التي يجوز اجتماعها مع البيع كالإجارة بخلاف الجعالة للزوم الجهالة في عمل الجعالة، وذلك ينافي البيع، والإجارة مبنية على نفي الغرر والجهالة، وذلك موافق للبيع، والصرف مبني على التشديد وامتناع الخيار والتأخير وأمور كثيرة لا تشترط في البيع، فضاد البيع الصرف، وما لا تضاد فيه يجوز جمعه مع البيع، فهذا وجه الفرق. اهـ.

وقال الشاطبي في الموافقات: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والسلف، لأن باب البيع يقتضي المغابنة والمكايسة، وباب السلف يقتضي المكارمة والسماح والإحسان، فإذا اجتمعا داخلَ السلفَ المعنى الذي في البيع فخرج السلف عن أصله، ولأجل هذا منع مالك مِن جَمْع عقود بعضها إلى بعض وإن كان في بعضها خلاف فالجواز ينبني على الشهادة بعدم المنافاة بين الأحكام، اعتبارًا بمعنى الانفراد حالة الاجتماع، فمنع من اجتماع الصرف والبيع، والجعل والبيع، وهذا كله لأجل اجتماع الأحكام المختلفة في العقد الواحد، فالصرف مبني على غاية التضييق حتى شرط فيه التماثل الحقيقي في الجنس، والتقابض الذي لا تردد فيه ولا تأخير ولا بقاء علقة وليس البيع كذلك، والجُعل مبني على الجهالة بالعمل وعلى أن العامل بالخيار، والبيع يأبى هذين.اهـ.

وقال ابن العربي في شرح الموطأ: يتركب على حديث النهي عن بيع وسلف أصل بديع من أصول المالكية وهو أن كل عقدين يتضادان وصفًا ويتناقضان حكمًا فإنه لا يجوز اجتماعهما، أصله البيع والسلف، فركبه عليه في جميع مسائل الفقه، ومن هذا الباب الجمع بين العقد الواجب والجائز، ومثله بيع وجعالة، ويزيده على ذلك أن أحد العوضين في الجعالة مجهول، ولا يجوز أن يكون معلومًا، فإنه إن كان معلوما خرج عن باب الجعل والتحق بباب الإجارة، وأمثال ذلك لا تحصى. اهـ.

والله أعلم.