عنوان الفتوى : دفع الزكاة وولاية الوقف هل هما لولي الأمر

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

نرجو إفادتنا هل ولاية الزكاة وولاية الوقف مركزية أم ولائية؟ لأننا في السودان لنا ولايات متعددة، نرجو الإفادة.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلم يتضح لنا المقصود من السؤال على وجه الدقة, وقد سبق لنا أن بينا أن جباية الزكاة من مهام ولي الأمر كما في الفتوى رقم: 38742.

 وإذا كان المقصود هل تدفع الزكاة لولي الأمر في الولاية المركزية ـ فقط ـ أم تدفع له في سائر الولايات؟ فهذا يرجع إلى ولي الأمر, فإن عين سعاة لجباية الزكاة في سائر الولايات دفعت إليهم, وإن لم يعين سعاة إلا في الولاية المركزية دفعت إلى سعاته في تلك الولاية, وعموما فإن الأموال بالنّظر إلى وجوب دفع زكاتها إلى وليّ الأمر لتوزيعها على مستحقّيها قسمان, باطنة وظاهرة، وجمهور الفقهاء على أنّ أداء زكاة الأموال الباطنة مفوّض إلى أربابها, أمّا الأموال الظّاهرة فذهب بعض الفقهاء إلى أنه يجب دفعها إلى الإمام، لأنّ أبا بكرٍ طالبهم بالزّكاة وقاتلهم عليها ووافقه الصّحابة على هذا، فليس للمزكّي إخراجها بنفسه، وقال المالكيّة والشّافعيّة: زكاة الأموال الباطنة مفوّضة لأربابها، فلربّ المال أن يوصلها إلى الفقراء وسائر المستحقّين بنفسه، وذهب الحنابلة  وهو الجديد المعتمد من قولي الشّافعيّ: إلى أنّ الدّفع إلى الإمام غير واجبٍ في الأموال الظّاهرة والباطنة على السّواء، فيجوز للمالك صرفها إلى المستحقّين مباشرةً.

وأما الوقف: فإن الولاية على الوقف يرجع فيها إلى الواقف ابتداء لا إلى ولي الأمر, جاء في الموسوعة الفقهية: اتّفق الفقهاء على أنّ الواقف إذا اشترط الولاية لشخص يؤخذ بشرطه سواء أكان المشروط له من أقارب الواقف أم من الأجانب, وسواء أكان من المستحقّين في الغلّة أم لا, وذلك لأنّ شرط الواقف كنصّ الشّارع ما لم يكن مخالفاً للشّرع, وهذا إذا كان المشروط له أهلاً للتّولّي مستكملاً لشروط الولاية على الوقف  أمّا إذا لم يشترط الواقف الولاية لأحد، أو شرطها فمات المشروط له فاختلف الفقهاء في ذلك، فقال الحنفيّة: ولاية نصب القيّم إلى الواقف, ثمّ لوصيّه لقيامه مقامه وإذا مات المشروط له قبل وفاة الواقف فالرّاجح أنّ ولاية النّصب للواقف, وإذا مات بعد وفاة الواقف ولم يوص ـ أي المشروط له ـ لأحد فولاية النّصب للقاضي، وقريب منه ما قاله المالكيّة, لكنّهم صرّحوا بأنّ النّاظر ليس له الإيصاء بالنّظر إلى غيره إلا أن يجعل له الواقف ذلك فإن لم يعيّن الواقف ناظراً يتولّى أمر الوقف الموقوف عليه إذا كان رشيداً, وإن كان المستحق غير معيّنٍ  فالحاكم يولّي عليه من شاء، وعند الشّافعيّة إن وقف ولم يشترط التّولية لأحد ثلاثة طرقٍ، قال النّووي: والّذي يقتضي كلام معظم الأصحاب الفتوى به أن يقال: إن كان الوقف على جهةٍ عامّةٍ فالتّولية للحاكم, كما لو وقف على مسجدٍ أو رباطٍ, وإن كان على معيّنٍ فكذلك إن قلنا: الملك ينتقل إلى اللّه تعالى، وإن جعلناه للواقف، أو الموقوف عليه فكذلك التّولية.

أمّا الحنابلة فقالوا: إن شرط النّظر لإنسان فمات المشروط له فليس للواقف ولاية النّصب لانتفاء ملكه, ويكون النّظر للموقوف عليه إن كان آدمياً معيّناً كزيد, أو جمعاً محصوراً كأولاده، أو أولاد زيدٍ كل واحدٍ على حصّته أمّا إذا كان الموقوف عليه غير محصورٍ كالوقف على الفقراء والمساكين والغزاة، أو الموقوف على مسجدٍ، أو مدرسةٍ، أو رباطٍ، أو قنطرةٍ فالنّظر للحاكم، أو من يستنيبه. اهـ.

والله أعلم.